إستقراء حول المنطلقات الفكرية لحركة العدل والمساواة السودانية ؛ الإتزان الفكري
الأفكار والآراء فضاءات ولايمكنها التطوُّر إن سُجنت بهياكل حزبية أو تنظيمية تدعي ملكيتها وتفسيراتها وتوجهاتها، لأن الفكر سلسلة من أنماط التفكير للأجيال السابقة له هدف محدد. ولايصح التسليم بنتائجه بشكل نهائي فما تم البناء عليه من عوامل، هي عوامل متغيرة تبعاً للزمان والمكان ومن المفترض القبول بصدقه الزمني والمكاني وعدم قبول صدقه مع واقع زمني ومكاني مختلف.إن الادعاء بأزلية وديمومة وصلاحية الفكر لكل الأزمان والأمكنة ادعاء باطل ومخالف للمنطق العلمي، فالاستقلال الفكري يمنح الفرد القدرة على مناقشة أسسه لقياس صدقه مع الواقع ورفضه عند تعارضه مع الواقع تحاشياً عما يسفر عنه من نتائج سلبية تضر بالواقع المعاصر.وهذا الاستقلال الفكري يحقق لمعتنقه التوازن النفسي عند تعامله مع الواقع وعدم انصياعه لرؤى وأفكار مخالفة تضعه في دائرة الشك والفشل على المستوى الشخصي!.ونحن في حركة العدل والمساواة السودانية نعتقد أنَّ التكوين الفكري الصحيح للفرد، هو عامل أساسي في الاتزان النفسي ليتوافق مع نشاطه المهني وميوله ومواهبه المراد توظيفها لخدمة الإنسان".إن التوازن الفكري هو الإيمان الراسخ بصدق الرؤى والأفكار مع الواقع لتحقيق المهام الهادفة لتطور وتقدم المجتمع، واختلاف الرؤى والأفكار هو آلية حضارية لمناقشة مدى صدقها أو تعارضها مع الواقع لإيجاد السُبل الصحيحة لتحقيق التوازن بين الرؤى والأفكار المتقاطعة قدر الامكان للتقليل من فسح الفشل المتوقعة. فبدون تحديد ماهية المفاهيم والمدلولات والمصطلحات لايمكن إخضاع الفكر للمناقشة، ولايجوز إطلاق العنان للتفسيرات غير المنطقية (الشخصية) للرؤى والأفكار بما يحقق رغبات ومصالح القائمين عليها وتضر بمصالح المجتمع.إن التعصب الأعمى لفكر ما دون النظر لنقيضه من الأفكار يدلل على جهل المدعي به، لأن الفكر يناقش الشيء ونقيضه للتوصل إلى رؤية جديدة متعارضة أو متفقة بعض الشيء مع ما سبقها من أفكار ورؤى وليس بالضرورة أن يكون الاستنتاج صحيحاً كلياً لأن للحقيقة أوجه متعددة فكل وجه منها وجه صحيح ولاتوجد حقيقة كاملة لكن توجد أفكار متوازنة تعبر عن أوجه متعددة للحقيقة ذاتها.وبحسب وجهة نظري الشخصية فإنَّ الاستقلال الفكري هو:"بأنه الإقرار والاعتراف بأن تفكيرك كان بذرة في ثمرة غيرك".فبالرغم من أن التوازن الفكري لشخص ما يمنحه القدرة على التعاطي مع جميع المتغيرات على صعيد الواقع، وبالتالي الإمكانية للتعامل مع جميع الرؤى والأفكار المخالفة لتحقيق الهدف المنشود. لا يجوز التسليم كلياً بصحة الاستنتاجات لتحقيق الهدف دون النظر بعين فاحصة لكافة المدلولات والمفاهيم الجديدة، وتوافقها مع الواقع لتقليل الخسارات قدر الامكان. لأنها ليست خسارات لأشخاص محددين، بقدر ما هي خسارات يتحمل نتائجها مجتمع بكامله عند تعميم الأفكار والرؤى التي لم يثبت صدقها مع الواقع كلياً.وما يجب أن نقوله هو : علينا أن نسعى لإيجاد نوع من التوازن الفكري من خلال إعطاء كل كلمة وزنها الصحيح، ونشعر بالتواضع أمام عبارات المديح عند صدقها مع الواقع".كما يعني الاستقلال الفكري اتخاذ المواقف الصحيحة والمتوازنة من القضايا الاجتماعية لخلق حالة من الوئام والتوافق بين فئات المجتمع، وتوظيف كافة الطاقات العلمية والثقافية والفنية لتطوره وتقدمه. وبخلافه فإنه انحياز أعمى لفئة اجتماعية ضد فئات اجتماعية أخرى، يسفر عن حالة صراع بينها ويضعف أواصر العلاقة الإنسانية بين أفراد المجتمع ويؤسس للفرقة والتشتت ويعيق سُبل التقدم الاجتماعي.