ما بين كشف الحال وسوأة المقال وخطر المآل، بضع تعقيبات على ترَّهات حامد حجر يساريون في حركة العدل والمساواة
• تعجبت ـ أيِّم والله ـ أيَّما عجب للسيِّد حامد حجر وهو ينبري مجدداً للدفاع بإستماتة عن مشروع إجهاض ثورة المهمشين ولسان حال المستضعفين، والجديد هذه المرَّة في مقالات حجر هو أنه كشف عن حالٍ جديدة لم نكن على علمٍ بها من ذي قبل، ولو كنا نعلم بهذا الإدعاء لأمطنا عنه اللِثام ونفضنا عنه الغبار وفضحنا المستور، ولكن طالما وقتذاك تستَّر حجر وجعل من حاله طي الكتمان لم نكن نخض مع الخائضين، أمَّا الآن، فحجر تقمَّص قميص اليسار وإدَّعى أنه مع آخرين (لم يذكرهم) كانوا في يومٍ ما يُمثلون التيار اليساري داخل حركة العدل والمساواة السودانية، ومن المفارقات أنَّ هذا الإدِّعاء الباطل يُدحض نفسه إذا علِم القراء بأنَّ حجر كان ينتمي لحزب البعث قبيل إنضمامه لحركة العدل والمساواة، وأيَّما قارئ حصيف أو متابع دقيق لمشاريع الأحزاب السياسية يستطيع أن يميِّز بين اليسار المُدَّعى عليه والمفترى فيه وحزب البعث (العربي) مهد العروبة والإعتقاد الجازم بأنَّ العروبة جسدٌ وروحه الإسلام!!• ومن أسفٍ، أننا (أقصد أنا وحجر) قبل عامٍ ونيفٍ من الآن قد تساجلنا بمقالاتٍ عديدة وفي منابرٍ حوارية مختلفة مفتوحة على الفضاء الطلق إبان ظهور مذكرتنا التصحيحية وقتئذ للخروج بحركة العدل والمساواة السودانية من ضيق الإنغلاق في القبلية إلى سِعة الإنفتاح في القومية، وحينها دلفنا إلى إجرا حواراتٍ عديدة وجريئة تحديتُ فيها حامد حجر بأن يُنكِر صحة فقرةٍ واحدة ممَّا حملته المذكرة، ولكنه لم يستطيع وتجرع من كأس الهزيمة وذاق مرارة الهزيمة الذي هو لربما يوازي مرارة العلقم، بل وعمِد بعد ذاك إلى الترويج للإشاعات المغرَّضة والأكاذيب الملفقة بُغية القدح والنيل من القيادات التي أصدرت المذكرة التصحيحية، وحاول حجر إزكاء نار الفتنة وصب مزيداً من الزيت على نار التوتُّر السائد آنئذ في الحركة ليزرع فتيل وبُؤَر جديدة لإتساع نطاق الهوَّة وإفراغ المذكرة من مضامينها ومعانيها، بيد أنه لم ينال مراده نسبة لسوأة مقالاته وسوء حظه، وأذكر أنني حينها قلت له أننا من خلال المذكرة لا نريد إلا الإصلاح في الحركة ما استطعنا، وها قد تحقق ما كنا نبتغي.• ومن عجبٍ، أنَّ حامد حجر أعاد كرَّته مرة أخرى لمواصلة محاولات الإغتيال السياسي وإستمرأ في محاولاته هذه، وفي هذه المرَّة طفح الكيل لأنَّ حجر زعم بل إدَّعى وإفترى الكذب حِيال المؤتمر العام الثاني للحركة والذي إنعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الفترة من 30/12/2006م إلى 3/1/2007م، ولعلَّ القاصي يُدرك قبل الداني ويعرف تماماً أنَّ المؤتمر هو نِتاج طبيعي لواقع الترهُّل الذي كانت تعايشه الحركة في تلك الأثناء إبان تمعُّن السلطان خليل إبراهيم (الرئيس السابق للحركة) النكوث عن مبادئ الثورة والإرتداد عن أهداف الحركة (العدل، المساواة) وتقوقعه في الإطار القبائلي الضيِّق وإنكفائه في العشائرية النتنة وإحاطته لنفسه بأفراد من فخذ قبيلته كإحاطة السوار بالمعصم وزعامته للأقلية (الإثنوسياسية) التي ظهرت وقتذاك في الحركة وتهدُف للسيطرة على مفاصل الأمور داخل الحركة من مالٍ وعلاقاتٍ وقوةٍ عسكرية ...إلخ وبناء (مركز) جديد داخل ثورة (الهامش) وإستخدام بقية المهمشين كـتمومة جرتِق وترميز تضليلي لتحقيق مآرب قبلية وأطماع ذاتية وطموحات شخصية!!.• ولعلُّ الدواعي التي إستدعت إلتئام المؤتمر العام الثاني للحركة، كانت بيِّنة ولا تشوبها شائبة إلا لمن عُميت بصائرهم ولا ينظرون إلا أسفل قدميهم كزمرة حجر، لأنَّ هذه الواعي هي ما دعى قيادات وقواعد الحركة من مختلف قطاعاتهم وفعالياتهم يتنادون إلى المؤتمر ما أفضى إلى تنهية السلطان خليل والإستعاضة عنه بالرفيق الدكتور إدريس إبراهيم أزرق رئيساً للحركة وقائداً لثورة المهمشين ومهموم بقضايا المحرومين والمستضعفين وحامل أشواق الكادحين.• ولو رجعنا للخزعبلات التي أطلقها حجر وإدَّعى فيها وجود تيار يساري داخل الحركة، فهذا سيؤكِد واحد من إثنين، فإمَّا أنَّ هنالك خلل وإختلال في البنية الفكرية للحركة، أو أنَّ الحركة ما كانت أصلاً تمتلك رصيد فكري يؤهلها لإستوعاب كافة الآرا والأفكار ووجهات الأنظار من مختلف المذاهب والمشارب الفكرية والتي يُفترض فيها أن تكون إنداحت في المشروع الفكري للحركة (إن وُجِد)!! وفي كلتا الحالتين يبدو أنَّ ثمة أمر عُجاب، ولعلَّ ذاك ما دعى المؤتمرون في المؤتمر الثاني للحركة يُعلنوها صراحة بأنَّ الحركة هي ليست مع (اليمين) الذي يغمس الدين في السياسة ويستغله إستغلالاً سيئاً لحد الإساءة وذلك لتحقيق مراميه وقمع الشعب، وهي كذلك (أي الحركة) ليست مع (اليسار) المتطفل والمستهتر بالأديان، بل ينبغي أن تسلك الحركة موقفاً قواماً بين ذلك، وهنا إختارت الحركة (الحيادية) بمعنى أن تكون الدولة محايدة دينياً وعرقياً وقبلياً تجاه رعاياها، ولا تميِّز بينهم بسبب واحد من ذلك، وهذه النقطة من محاسن المؤتمر العام الثاني المدَّعى عليه.• جميع هذه الإدِّعاءات لحامد حجر جاءت في خضم ومعرض رده لمقال الأستاذ مصطفى عبدالكريم مصطفى، ولا أجد حرجاً من الرد ولكن ينبغي على السيِّد حجر ألا ينتقص من نضالات رفاقنا في حركة/ جيش تحرير السودان ويرميهم بالفرقة والإنقسامات والإنشقاقات ويُنكر وقوع ذلك في حركتنا العدل والمساواة، فوقوع الإنقسامات حاصل، والأجدى أن نتحدَّث عن معالجات لهذه الإفرازات، لأنَّ حديث الرفيق مصطفى عن أنَّ السبب وراء كل تلك الإنقسامات هو غياب القيادات الواعية خو عين وكبد الحقيقة، وهذه حقائق ماثلة يجب التعاطي معها وليس القفص فوقها!!• مِمَّا سبق تنجلي الهوَّة بين كشف الحال (حال حجر) وسوأة المقال (مقال حجر) وخطر المآل (مآل قضايا أهل الهامش)، ولأنه نسبة للدور التاريخي الملقاة على عاتقنا حِيال قضايا شعبنا والأمل المعقود علينا، وتقديراً منا لحساسية المرحلة والظرف التاريخي الدقيق والحرج الذي تعايشه جماهيرنا على إمتداد السودان قاطبة ودارفور خاصة، وإنطلاقاً من فهمنا العميق لحاجتنا الماسة نحن كأهل الهامش لبلورة موقف موحَّد بيننا حِيال جميع القضايا، وإيماناً بالمسؤلية الجسيمة الموكلة إلينا في ظلِّ هذا المخاض العسير والمنعطف الخطير من سفر قضايا أمتنا، وإستقراءً للمعطيات الماثلة التي تنذر بمستقبل مهول بالمفاجئات (بما في ذلك صوملة السودان)، أرى أنه ينبغى (بل بالأحرى يجب) علينا نحن كأهل الهامش أن نوحِّد جهودنا ونوجهها صوب الصفوة المترفة والنخبة المستبدة في المركز، لذلك أجد نفسي مثمِّنا لكتابات الإخوة الرفاق مصطفى عبدالكريم مصطفى وذو اليد سليمان ومختار داني وشريف آل دهب التي تدعوا إلى الوحدة وتوجيه قوتنا جميعها مع بعض تجاه المركز لأنَّ قضيتنا أمام محك حقيقي ومعرضة لخطر محدق لم يمسسها من قبل، ودون الوحدة لن نستطيع بلوغ غاياتنا أو ننتزع حقوقنا، لذلك أأمل ألا أجد نفسي مضطراً مرة أخرى للرد على أحد الكتَّاب مِمَّن يُفترض أنهم من أهل الهامش لأعود على بدءٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق