عبدالفتاح محمَّد إبراهيم
waddawi@hotmail.com
• لستُ ممَّن يسعُون دائماً لرسم صورة قاتمة للأشياء دونما تمعُّن أو تبصُّر أو دراية، ولعل أولى الدلالات لذلك تتمثل في قراءة المُعطيات الراهنة مقرونة مع التوقعات التي قد تتمخض عن الإنتخابات ومآلاتها، فالناظر للقوى السياسية ومواقفها المتأرجحة بين المشاركة والمقاطعة يُدرك حجم الخطر المُحدِق الذي يطلُّ على السودان طالما أنَّ الشعب السوداني يرتهن لهذه القوى التي لم تستطيع أن تُحدد موقفها إزاء الإنتخابات ناهيك عن التعبير عن آمال وأشواق وتطلعات هذا الشعب المغلوب على أمره.
• الجميع ـ دونما فرزـ يتحدث عن الإنتخابات!! منهم من يحدوه الأمل بالخلاص من عهد الظلام إلى عهد التنوير ومنهم من يسودَّ وجهه وهو كظيم، وهنالك فئة ثالثة ليست مع هذا ولا ذاك لا ترى العجب ولا الصيام في رجب، فأنظروا لواقع الحال، الساحة السياسية مليئة بالنتوءات السالبة الناتجة عن عدم إستوعاب القوى السياسية لواجبهم المرحلي تجاه قضايا الشعب في ظلِّ هذا التاريخ المفصلي من سفر السودان، فالسودان الآن بين أن يكون أو لا يكون، ولكن القوى السياسية التي تحلم فقط بالإستئثار بالسلطة والإستحواز على مقاعد البرلمان عُميت بصائرها عن مُعاناة الشعب التي ما برح يرزح تحت وطأة نيرها ونيرانها.
• جميع ولايات السودان تُعاني من نقص الخدمات أو إنعدامها في بعض المناطق، وهناك من يُعاني التهميش السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي، وعلى هذه الحال، طموحات القوى السياسية لا تتعدى حصولها على أصوات المواطنين لبلوغ مآربهم الخاصة ودغدغة مشاعر الشعب وإستمالة عواطفه بالشعارات البرَّاقة والكلمات الرنانة والعبارات الجذابة، غير أنَّ هذا الشعب الذي ظلَّ يأتمن هذه القوى على مصالحه وأمانيه يعلم جيداً ويدرك تماماً أنَّ هذه القوى فقدت الثقة وباتت في غير مأمن ولن يجد ورائها غير أرتالاً من السراب.
• إذا أجرينا إستعراض لمواقف القوى السياسية التي تُكنِّي نفسها بالكبيرة سنجد العجب العُجاب، فأحزاب الوطني والشعبي والإتحادي والأمة والشيوعي هي مخلفات السودان القديم، ولن يجدُّ جديد إذا تسلَّم أيٌّ منها سُدَّة الحُكم، لأنَّ هذه الأحزاب جميعها ساهمت بعلمٍ وبغير علم في تدهور الدولة، ومن ذلك الإسهام الوافر في نشوب النزاعات وزرع فتيل الأزمات بين أبناء الوطن الواحد، فكانت الحرب الشعواء في جنوبنا الحبيب وكذلك دارفور وشرق السودان ومناطق أخرى على إمتداد مساحة الوطن الرؤوم، لذا فلا أعتقد أنَّ هذه القوى ستغيِّر الواقع لأنها منكفئة على ذاتها ومنغلقة في نفسها، أما بقية القوى السياسية ومنها الحركة الشعبية فهي أيضاً خذلت الآمال العِراض التي كانت، فلا أحد كان يُخال أنَّ الحركة الشعبية ستأتي يوماً وتنقلب على عاقبيها، جزء منها يُشارك في الإنتخابات والجزء الآخر منها يحجم عن المشاركة!! فأيِّ موقف هذا؟ أهو تمهيد للوصول إلى الإستفتاء العام المُقبل ومن ثمَّ الإنفصال بجنوب السودان أم ماذا سيكون الحال؟ فلا يُعقل أنَّ الحركة الشعبية وبرنامجها الرحب (السودان الجديد) تأتي وتنغمس في جنوب السودان!! وإلا فكيف نفسِّر خوضها لغمار الإنتخابات في الجنوب والإحجام عن الإنتخابات في الشمال.
• يُمكننا أن نتفق جميعاً حول موقف واحد، أنَّ السودان الآن الآن في مُفترق طُرق، ولذا فالمسؤلية السياسية والتاريخية الآن تقع على عاتق أبناء الوطن الأبرار للنهوض بهذا الوطن، فإما تحمُّل المسؤلية أو الإستعداد للمساءلة من قِبل الشعب، فهذا الوطن ورثناه موحداً ومتحداً بأبناءه، ولا يمكن بأية حال أن نجزئه ونشرزمه أو نكون جزءً من هذه التجزئة (وما ينبغي لنا ذلك).
• فمهما يكن من أمرٍ، فإنَّ هذه الإنتخابات التي تطلُّ برأسها في غضون هذه الأيام ستكون إما معاول للهدم أو معاول للبناء، فكان الأجدى بالقوى السياسية إن كانت حريصة على مصلحة الوطن أن توحَّد مواقفها السياسية، فلا يمكن لبعضها يُساهم في إضفاء شرعية منقوصة للحكومة القادمة والبعض الآخر ينتظر في الرصيف كمشاهد، فكانت الخطو الجدية هي إما أن يُشارك الجميع أو ينسحب الجميع حتى يكون الجميع مسؤول من مآلات المستقبل.
• ومهما يكن من شيءٍ، فإنَّ المشاهد التي تتداعى أمام ناظرنا الآن تُوحي إلى المستقبل المجهول، وكذلك الأصوات التي نسمع صداها الآن قد تتخلل في الصدور، ولكن يظل حُلمنا أن نرى السودان دولة واحدة وموحدة يسودها العدل بدل الظلم ، والمساواة بدل التمييز ، والحرية بدل الكبت ، والديمقراطية بدل الشمولية ، والإختيار بدل الفرض ، والمشاركة بدل الهيمنة ، والسلام بدل الحرب ، والإنفتاح بدل الإنغلاق ، والوطنية بدل القبلية ، والقومية بدل الجهوية ، والتعددية بدل الآحادية ، والسعة بدل الضيق ، والوحدة بدل التشظي ، والإثراء بدل الإستعلاء ، والإحتواء بدل الإقصاء ، والإستقلال بدل الإستغلال ، والفيدرالية بدل الإتحادية ، والتنوع بدل التباين ، والتكامل بدل التفاضل ، والشفافية بدل الغموض ، والتقدم بدل الجمود
السبت، أبريل ١٠، ٢٠١٠
السبت، أغسطس ٢٢، ٢٠٠٩
ما نتطلع إليه ونطمح في بلوغه وننشده ونستشرق تحقيقه
ما نتطلع إليه ونطمح في بلوغه وننشده ونستشرق تحقيقه(العدل لنا ولغيرنا) (الحرية لنا ولسوانا)
غرو ولا عجب ولا إستغراب في أن الإنسان ـ أيما إنسان ـ بفطرته التي فطر عليها ونشأته التي نشأ على أنقاضها وبالطبيعة التي تطبعها منذ وجوده على المعمورة وحتى اللحظة ـ يحمل في دواخله قيم ومعاني سامية ، ويحمل في طياته غرائز من التضادات والمتناقضات ( العدل ـ الظلم ) و ( الخير ـ الشر ) و ( العلم ـ الجهل ) و ( الحب ـ الكراهية ) ، غير أن إحدى هذه التضادات ( المتناقضات ) تسيطر على محيطه ومن ثم يسير الإنسان وفق نهجها ، وقلَّ ما تجد إنساناً يجمع بين تضادين ( تناقضين ) في آن واحد ـ فمن هذه السايكوإنسانية تجد الإنسان ـ قديماً وحديثاً ـ يحمل الحسد والحقد ويضمر الظلم ويشيع التفرقة والبغض والكراهية للغير ، مثلما تجد تماماً الإنسان الآخر يحمل الحب والخير والجمال ويسعى ليعضِّد التكافل والتعاون والتراحم مع غيره ويتطلع لسيادة القانون ( الذي ينظم حياته السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها ॥ ) ويسعى هذا الإنسان لإرساء قيم العدل ودعائم الحرية ومضامين المساواة ।فمن هذه المنطلقات والتجليات تتجلى هُوَّة الإختلاف بين إنسان وآخر ، كلّ على حسب بيئته وتربيته وسلوكه والطبيعة المحيطة به ، ولعل الإنسان يؤثِّر في هذه العوامل مثلما يتأثر بها ، إما أن يقوِّمها ويصلحها ويتبعها ويتطبع عليها ، أو يفسدها ويضطهدها وبالتالي يبحث عن غيرها ليجد ضالته حينئذ ، كل هذه المقدمة لإستعراض قيم ومضامين ( العدل لنا ولغيرنا ـ الحرية لنا ولسوانا ) ـ هذه القيم التي ظلت مندثرة في ظل هذا الوطن الجريح ( السودان ) منذ إنبثاق عهد أول حكومة وطنية تسلمت سُدة الحكم بعد جلاء المستعمر الأجنبي ।فالعدل هو ذروة سنام المساواة وركيزتها وركنها الأساسي ، والمساواة هي المدخل إلى الحرية التي تفضي بدورها إلى قبول الآخر والإيمان به والإعتراف به ـ أي بالآخر ـ والتطلُّع إلى بلوغ هذه القيم تطلع مشروع ( لأيما إنسان ) ليس السودانيين فحسب ، بإعتبار أن هذه القيم هي أساس الحياة الآدمية ، فالإنسانية في حد ذاتها تجسِّد لهذه المعاني ولهذه المضامين التي تتبلور من منطلق أن جميع البشرية "الناس " خلقوا من نفس واحدة وهم على قدم من المساواة ( حد سواء ) في نيل وأخذ حقوقهم وأداء واجباتهم التي تناط بهم كل حسب ما يليه ।والعدل في توزيع ـ تقسيم ـ الثروات المنتجة وعائداتها والسلطات بين المواطنين على قدر من المساواة سيحقق الرفاهية للشعب ، والمساواة بين جميع المواطنين دونما أدنى ثمة تمييز في نيل حقوقهم وأداء أدوارهم وأخذ ضروريات الحياة الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وعلاج وبسط مقومات الحياة الأساسية من حريات وحقوق ( العيش والحركة والعمل والكسب والتنقل ) هي التي تجسِّد لإرساء قيمة المواطنة التي بدورها تفضي إلى تقوية أواصر التواصل الذي ينبثق منه السلام القائم على مبدأ التسامح والتصاهر والتضامن والإحترام المتبادل والإعتراف بالغير وسط المواطنين .والعدل هو الطريق إلى الحرية ॥ والمساواة هي الطريق إلى الديمقراطية ॥ ولن تتأتى الحرية في غياب العدل وكذا الحال لن تتأتى الديمقراطية في غياب المساواة ـ فالقيم كثيرة ومتنوعة ومتعددة وتهدف جميعها إلى الإضطلاع بدور رسالي حيال ترقية الشعوب ورفاهيتها ، ووسيلة تحقيق ذلك هي إرادة الإنسان .وما أتطلع إليه وأطمح في بلوغه وأنشده وإستشرق تحقيقه هو :( العدل ، الحرية ) وهذا التطلُّع ليس معبراً عن رأي فحسب ، بل هو لسان حال السواد الأعظم من جماهير شعبنا حينما يرددون :من منكم يُعطى لهذا الشعب معنىً أن يعيش وينتصر ؟؟من منكم لصياغة الدنا وتشكيل الحياة القادمة ؟؟فهم يتطلعون للعدل بدل الظلم ، والمساواة بدل التمييز ، والحرية بدل الكبت ، والديمقراطية بدل الشمولية ، والإختيار بدل الفرض ، والمشاركة بدل الهيمنة ، والسلام بدل الحرب ، والإنفتاح بدل الإنغلاق ، والوطنية بدل القبلية ، والقومية بدل الجهوية ، والتعددية بدل الآحادية ، والسعة بدل الضيق ، والوحدة بدل التشظي ، والإثراء بدل الإستعلاء ، والإحتواء بدل الإقصاء ، والإستقلال بدل الإستغلال ، والفيدرالية بدل الإتحادية ، والتنوع بدل التباين ، والتكامل بدل التفاضل ، والشفافية بدل الغموض ، والتقدم بدل الجمود .والإنسان ـ أيما إنسان ـ يظل ينشد هذه القيم ويتطلع لبلوغها إلى أن تتحقق لطالما يؤمن بأن الحياة ليست في طبيعتها ما لم تتحقق هذه التطلعات المشروعة ، والشعب السوداني يؤول على ( القوى الثورية ) و ( القوى السياسية ) لتحقيق طموحاته هذه وتطلعاته هذه ، وأنا واحد من ذاك الشعي أتطلع إلى ما يتطلع إليه وأأمل ما يأمله وأطمح لبلوغ ما يطمح لبلوغه شعبي .فثمة أمل تحدني بأننا سنصل إلى ـ موتوبيا ـ الوطن الموحد المتَّحد ، وطن الكرامة والعزة والعدل والمساواة المواطنة ، وطن المؤسسات والرفاهية والأمن والإطمئنان والسلام ، وطن المحبة والديمقراطية والحرية ، كل ذلك يتحقق عقب إحياء مضامين العدل لنا ولغيرنا والحرية لنا ولسولنا ، هذه القيم التي لا تدانيها أية قيمة في علوها وسموها ، إذن فلنسعى لتسود ولتحيا ولتعلو ولتبقى ولتثرى من بعد ذلك .وفينا شيء من حتى
غرو ولا عجب ولا إستغراب في أن الإنسان ـ أيما إنسان ـ بفطرته التي فطر عليها ونشأته التي نشأ على أنقاضها وبالطبيعة التي تطبعها منذ وجوده على المعمورة وحتى اللحظة ـ يحمل في دواخله قيم ومعاني سامية ، ويحمل في طياته غرائز من التضادات والمتناقضات ( العدل ـ الظلم ) و ( الخير ـ الشر ) و ( العلم ـ الجهل ) و ( الحب ـ الكراهية ) ، غير أن إحدى هذه التضادات ( المتناقضات ) تسيطر على محيطه ومن ثم يسير الإنسان وفق نهجها ، وقلَّ ما تجد إنساناً يجمع بين تضادين ( تناقضين ) في آن واحد ـ فمن هذه السايكوإنسانية تجد الإنسان ـ قديماً وحديثاً ـ يحمل الحسد والحقد ويضمر الظلم ويشيع التفرقة والبغض والكراهية للغير ، مثلما تجد تماماً الإنسان الآخر يحمل الحب والخير والجمال ويسعى ليعضِّد التكافل والتعاون والتراحم مع غيره ويتطلع لسيادة القانون ( الذي ينظم حياته السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها ॥ ) ويسعى هذا الإنسان لإرساء قيم العدل ودعائم الحرية ومضامين المساواة ।فمن هذه المنطلقات والتجليات تتجلى هُوَّة الإختلاف بين إنسان وآخر ، كلّ على حسب بيئته وتربيته وسلوكه والطبيعة المحيطة به ، ولعل الإنسان يؤثِّر في هذه العوامل مثلما يتأثر بها ، إما أن يقوِّمها ويصلحها ويتبعها ويتطبع عليها ، أو يفسدها ويضطهدها وبالتالي يبحث عن غيرها ليجد ضالته حينئذ ، كل هذه المقدمة لإستعراض قيم ومضامين ( العدل لنا ولغيرنا ـ الحرية لنا ولسوانا ) ـ هذه القيم التي ظلت مندثرة في ظل هذا الوطن الجريح ( السودان ) منذ إنبثاق عهد أول حكومة وطنية تسلمت سُدة الحكم بعد جلاء المستعمر الأجنبي ।فالعدل هو ذروة سنام المساواة وركيزتها وركنها الأساسي ، والمساواة هي المدخل إلى الحرية التي تفضي بدورها إلى قبول الآخر والإيمان به والإعتراف به ـ أي بالآخر ـ والتطلُّع إلى بلوغ هذه القيم تطلع مشروع ( لأيما إنسان ) ليس السودانيين فحسب ، بإعتبار أن هذه القيم هي أساس الحياة الآدمية ، فالإنسانية في حد ذاتها تجسِّد لهذه المعاني ولهذه المضامين التي تتبلور من منطلق أن جميع البشرية "الناس " خلقوا من نفس واحدة وهم على قدم من المساواة ( حد سواء ) في نيل وأخذ حقوقهم وأداء واجباتهم التي تناط بهم كل حسب ما يليه ।والعدل في توزيع ـ تقسيم ـ الثروات المنتجة وعائداتها والسلطات بين المواطنين على قدر من المساواة سيحقق الرفاهية للشعب ، والمساواة بين جميع المواطنين دونما أدنى ثمة تمييز في نيل حقوقهم وأداء أدوارهم وأخذ ضروريات الحياة الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وعلاج وبسط مقومات الحياة الأساسية من حريات وحقوق ( العيش والحركة والعمل والكسب والتنقل ) هي التي تجسِّد لإرساء قيمة المواطنة التي بدورها تفضي إلى تقوية أواصر التواصل الذي ينبثق منه السلام القائم على مبدأ التسامح والتصاهر والتضامن والإحترام المتبادل والإعتراف بالغير وسط المواطنين .والعدل هو الطريق إلى الحرية ॥ والمساواة هي الطريق إلى الديمقراطية ॥ ولن تتأتى الحرية في غياب العدل وكذا الحال لن تتأتى الديمقراطية في غياب المساواة ـ فالقيم كثيرة ومتنوعة ومتعددة وتهدف جميعها إلى الإضطلاع بدور رسالي حيال ترقية الشعوب ورفاهيتها ، ووسيلة تحقيق ذلك هي إرادة الإنسان .وما أتطلع إليه وأطمح في بلوغه وأنشده وإستشرق تحقيقه هو :( العدل ، الحرية ) وهذا التطلُّع ليس معبراً عن رأي فحسب ، بل هو لسان حال السواد الأعظم من جماهير شعبنا حينما يرددون :من منكم يُعطى لهذا الشعب معنىً أن يعيش وينتصر ؟؟من منكم لصياغة الدنا وتشكيل الحياة القادمة ؟؟فهم يتطلعون للعدل بدل الظلم ، والمساواة بدل التمييز ، والحرية بدل الكبت ، والديمقراطية بدل الشمولية ، والإختيار بدل الفرض ، والمشاركة بدل الهيمنة ، والسلام بدل الحرب ، والإنفتاح بدل الإنغلاق ، والوطنية بدل القبلية ، والقومية بدل الجهوية ، والتعددية بدل الآحادية ، والسعة بدل الضيق ، والوحدة بدل التشظي ، والإثراء بدل الإستعلاء ، والإحتواء بدل الإقصاء ، والإستقلال بدل الإستغلال ، والفيدرالية بدل الإتحادية ، والتنوع بدل التباين ، والتكامل بدل التفاضل ، والشفافية بدل الغموض ، والتقدم بدل الجمود .والإنسان ـ أيما إنسان ـ يظل ينشد هذه القيم ويتطلع لبلوغها إلى أن تتحقق لطالما يؤمن بأن الحياة ليست في طبيعتها ما لم تتحقق هذه التطلعات المشروعة ، والشعب السوداني يؤول على ( القوى الثورية ) و ( القوى السياسية ) لتحقيق طموحاته هذه وتطلعاته هذه ، وأنا واحد من ذاك الشعي أتطلع إلى ما يتطلع إليه وأأمل ما يأمله وأطمح لبلوغ ما يطمح لبلوغه شعبي .فثمة أمل تحدني بأننا سنصل إلى ـ موتوبيا ـ الوطن الموحد المتَّحد ، وطن الكرامة والعزة والعدل والمساواة المواطنة ، وطن المؤسسات والرفاهية والأمن والإطمئنان والسلام ، وطن المحبة والديمقراطية والحرية ، كل ذلك يتحقق عقب إحياء مضامين العدل لنا ولغيرنا والحرية لنا ولسولنا ، هذه القيم التي لا تدانيها أية قيمة في علوها وسموها ، إذن فلنسعى لتسود ولتحيا ولتعلو ولتبقى ولتثرى من بعد ذلك .وفينا شيء من حتى
الاثنين، يوليو ٢٣، ٢٠٠٧
لماذا لا تنطلق الثورة الشعبية من وسط وشمال السودان؟؟
لماذا لا تنطلق الثورة الشعبية من وسط وشمال السودان؟؟
لا أُخال أنه قد تساورني أو تخالجني أدنى ثمة شكٍّ إذا جزمتُ أنَّ المخرج الحقيقي للشعب السوداني من الورطة والأزمة التي أوقعته إياهُا الحكومة السودانية، هو الإنتفاض والثور في وجه هذه الأوضاع المزرية والمتردية والإستعاضة عنها بمشروع ثوري مدني يقوم على أساس المشاركة بين أهل الهامش، وقوام هذا المشروع هي الجماهير العِراض، ويتمخُّض عنه برنامج وفاق وطني لبناء مصالحة وطنية، وإعادة صياغ العقود التي تجمعُ بين شعوب السودان المختلفة، من عقدٍ سياسي (نظام الحُكم)، وعقد إجتماعي (المواطنة)، وعقد قانوني (الدستور)، وعقد ثقافي (التنوُّع)، ولن يتأتى هذا الحل إلا بتضافر جهود قوى الهامش السوداني قاطبة وإتحادها، ولعلُّ الثورة الشعبية بمعناها المُتواتر تعني الإنتفاضة الجماهيرية، وفي كلا الحالتين هي ليست بجديدة على الشعب السوداني على مرِّ الأزمان، فقد شهدها الشعب السوداني الأبي إبان إكتوبر 1964م وإبان أبريل 1985م، والآن باتت السانحة مواتية لإحداث مثل هذا التغيير، فالثورة الجماهيرية أو الشعبية قوامها الجمهور أوالشعب، وبالتالي تعتبر هذه الثورة آلية مدنية وأداة سلمية لحل المشكلات السياسية، ومن هذه المشكلات تغيير الحكومات وأنظمة الحكم المختلفة التي تفتقر للبُعد الشعبي والإلتفاف الجماهيري، وبتمعُّن النظر وتصويبه صوب واقعنا السوداني المرير يتَّضح بجلاء لكلِّ ذي قلبٍ ألقى السمع وأصغى وهو شهيد أو كلِّ ذي بصيرة ومتابعُ دقيق ومراقبٌ حصيف، أنَّ هذه الآلية التي إستخدمها الشعب السوداني في غيرما مرَّة هي جديرة بإرتيادها مرَّة أخرى، فصحيح أنَّ قوى الهامش حملت السلاح في جميع الأطراف، ووقتئذ لم يكن السلاح غاية في حد ذاته، بل كان وسيلة لقوى الهامش للضغط على النظام بُغية أن يعترف بالمطالب المشروعة التي تقدمها هذه القوى وبالأوجاع والآلام التي تحملها وتُعبِّر عنها، وبالكاد كاد أن يتحقق هذا المُبتغى لولا بعض العثرات التي صحبتها ثورة الهامش، سواءً كانت تتمثل في الصحوة المُتأخِرة لقوى الإستنارة والتنوير والوعي التي تركت الباب منذ إنطلاقة الثورة موارباً على مصراعيه لغلاة بنية الوعي القبلية ليعيثوا الثورة ويختزلوها في أطماعٍ قبلية، أو شيوع ظاهرة الذوات والمآرب الخاصة والطموحات الفردية، أو لغيرها من الأسباب التي أدَّت إلى ترويض وإجهاض مشروع التحرير والتغيير وإختزانه في أطر ضيِّقة ومواعين لا تسِع لمن هم على رحابها. وهنا لستُ في معرض تقييم لتجربة الثورة السودانية المعاصرة، ولكن ينبغي أن نلقي النظر تجاه كافة مناحي الثورة، فمنها المُسلحة والثقافية والإجتماعية والإقتصادية والشعبية و... إلخ، ويمكننا القول أن تجربة الثورة المسلحة قد حققت أهدافها للمهمَّشين في جنوب السودان وبعضهم في دارفور وشرق السودان، ولكنها لم تحقق شيئاً للمهمَّشين في وسط وشمال السودان، وكذلك الثورة الشعبية قد حققت مبتغياتها وقتما قامت، وبقى لنا أن نشير إلى إفتقارنا نحن كسودانيين لتجربة خوض ثورة ثقافية أو إجتماعية أو رياضية أو علمية، ولو أنَّ ثمة دلالات تشير إلى إمكانية حدوث ثورة إجتماعية نهضوية شاملة إنطلاقاً من الفهم العميق الذي بدأ يترسَّخ لدى أذهان أهل الهامش، وبالنسبة لمقالتي هذه أردتُّ أن أشير إلى هاتان المحطتان اللتان لا شكَّ أنَّ لهما تأثيراً مباشراً أو غير مباشر في أية ثورة سودانية شعبية مضت أو قادمة، ولا يهمنا هنا نوع أو حجم التأثير سواءً كان التأثير سالباً أو موجباً، كبيراً أم صغيراً، ولكن إستشعاراً منا بمسؤليتنا التاريخية تجاه المهمَّشين أنى وجدوا، تجعلنا نمدُّ لهم أيدينا بيضاء من غير سوءٍ لتضافر جهودنا جميعها من أجل إنتزاع حقوق المهمَّشين من المركز، فهم لم يختاروا أين يكونوا أو يستخروا، وكذلك لم يكونوا مخيَّرين في ذلك، ولربما من خلال كتاباتنا هذه يهتدي البعض ممَّن عُميت بصيرتهم وتمَّت إعادة إنتاجهم لصالح المركز ويفيقوا، كما لعلّّه لربما لم تكن الظروف الطبيعية والبيئية تسمح بإندلاع ثورة مسلحة في وسط وشمال السودان نسبة لغياب الأدوات المساعدة من جبالٍ وتلالٍ وأشجارٍ وغاباتٍ كما هو الحال في الجنوب أو دارفور أو شرق السودان، لذلك لا أجد بد من مناداة أولئك المهمَّشين بالشروع في هذه الثورة الشعبية، وليس من الضرورة بمكانٍ أن تستصحب هذه الثورة أثناء قيامها التغيير الشامل، لأنه لم ولن يتحقق لثمة لحظةٍ واحدة أو في غضون الإفاقة واليقظة من النوم العميق الذي كان يسود أرجاء الهامش، لأنَّ الطغاة والبُغاة والغلاة قد عملوا لسنينٍ خلت من أجل تثبيت دعائم مشاريعهم التي تنم عن إستغواء وإفتراء، وبالتالي لتكسير هذه المفاهيم البالية نحتاج إلى مساحة لبناء الثقة لدى أهل الهامش في أنَّ نخبة المركز مهما طال بها المقام فإنها ستذهب حيث مثواها الأخير حيث مذبلة التاريخ، لذلك أنه آن الأوان أن ننفض غبار السنين ونشحذ الهمم ونستلهم من ثوراتنا الشعبية التي خضناها من قبل ونستشعر عظمة الخطر المحدق الذي بدأ يطلُّ ولربما لا يضرُّ الصفوة المُترفة في المركز في شيْ، اللهم إلا أن يكون الضرر والضرار الأكبر واقعٌ على أهل الهامش، من هذه التجليات حريٌ بنا أن نعيد الكرَّة مرةً أخرى، ولتكن هذه المرَّة بوجهٍ جديد، لا تشوبه شائبة، ولا تحدَّه حدود. لأنَّ النخبة المستبدة والصفوة المترفة في المركز لا يعنيها الهامش في شيء، بل وأنها لا تريد وغير راغبة أصلاً في وضع حد للموارد المُستنزفة أو للدماء المُسالة أو للأرواح المُراقة والتي جميعها تعتبر خصماً من رصيد الهامش، لأنه القاتل والمقتول حيناً هو المهمَّش، وهنا نستدلُّ بقول الشاعر أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يوماً أراد الحياة،،،، لابد أن يستجيب القدرولابد لليل أن ينجلي ،،،،،،،،،،، ولابد للقيد أن ينكسر
الجمعة، يونيو ١٥، ٢٠٠٧
عندما تغزوني لهفة شوقٍ ويعود يضنيني ألم الفراق
عندما تغزوني لهفة شوقٍ ويعود يضنيني ألم الفراق
الأشواق تسافر في كل الدنيا ، تحلق في الأجواء ، تقطع البحار والمحيطات ـ تجتاز المساحات ، وتلج أبواب المسافات ، حملناها في جعبتنا عندما هاجرنا الأهل والديار فهاجرنا ولا تزال تلحق بنا أشواقهم لاهثة ... لاهثة . ترحل الأشواق شرقاً وغرباً في فجاج الأرض بحثاً عن لقاء ... قد يكون على أوراق الرسائل الوردية ، أو عبر أسلاك الهاتف الجافة ، فتصلكم أشواقنا جرعات باردة يتسلمها الأهل والأحباب والأصحاب مثلجة بلا نكهة ولا طعم لها . تتجمد الأشواق في ثلاجة الغربة ، وتجف العواطف حين يعيش الحبيب والأحباء بعيداً عن الأهل والأصدقاء ، فتحول بيننا وبين لقائكم غابات من البعد ، ونأي في المزار . فليس سهلاً أن يفرقنا الزمان ، وتبعدنا الدروب ، ما أمرَّ الاغتراب ، وما أصعب البعد دون لقاء أو اجتماع ... أن الغربة تهدّ الجبال ، ويصبح الانتظار ... انتظار العودة ظمأ لارتواء خمرة الوصال . علمت من غربتي أنَّ المغتربون يبحثون عن أنفسهم في خضم الحياة ، فيتسربون خارج الوطن وقد ضاقت بهم أرضهم وأنفسهم بعزيمة مصممة على الرحيل ، مستلقية على كل الجهات والبلاد . فيغادرون الوطن والأهل طلباً لعلم ، أو سعياً وراء رزق لتحسين مستواهم الثقافي أو الاقتصادي ، أو للبحث عن استثمار ... أو كنتاج لواقع سياسي مأزوم... ، فيلفظون أنفاسهم لاهثين وراء تحقيق مآربهم التي خرجوا لأجلها في ضغوط نفسية متراكمة تتحجر معها المشاعر التي لا تجد لها مكاناً في صدروهم أو قد يظلون على العهد ممسكون بجمر القضية التي هاجروا من أجلها . فيصبح هؤلاء في انقطاعهم عن الأهل والوطن كمن يجلس على كثيب رملي في أطراف الصحراء . ومع هذا فإن حرارة الأشواق ترتفع كلما انقطع اللقاء ، يتسرب الشوق من داخل الأوطان فيدعوهم ، وتهدأ حرارته منذ يبدأ المغتربون التخطيط للزيارة المرتقبة أو العودة إلى حضن الوطن. ولو كانت الزيارة " كل سنة مرة " . أنا أحب التواصل ـ أياً كان ـ لأنه يهيء لنا لقاءات عاطفية مشبعة بالحب ... لقاءات ساخنة بين من إغتربنا والمنتظرين كلقاء الطبيعة بقدوم الربيع الضاحك . تعود الأشواق مع موكب الذكرى الحالمة التي أهفوا إليها كلما أضناني الحنين ، وتفتح البيوت أبوابها ، وتزغرد على النوافذ ورود الانتظار المتفجر بلقاء حميم . إن العودة إلى الوطن ، إلى رحابة الأهل ومتعة اللقاء تسعد أمزجتنا بعد أن علق بها التشاؤم والضجر والشوق وسأم الانتظار، ولكن!!، وحين يلتقي الأحباب حاملين معهم أشواقهم فإنهم يبددون الضباب الذي خيم على النفس في متاهة الغربة ، وكآبة الوحدة ، وآهات الفراق ، وعزلة القلوب . عندما تعود الأشواق مع الحنين تشيع السعادة في نفوسنا ، ويذوب الجليد عن مشاعرنا وعلاقاتنا بمن نحبهم وقد هجرناهم إلى حين ... تواصل ووصال ... نبض حنين يتسرب إلى خلايا الروح عن وعي لعلاقة . تربط من يغترب بوطنه وأمته وأهله ، وليست عودته انتماءً سياحياً للوطن . في يومٍ ما قد اعو إلى الأم الرؤوم الوطن، وقد تكون عودتي كفراشات الفرح متشوق لا سائح ، لأن لي فيه أحلاماً وذكريات وأماني ، لي في الوطن ألف معنى يربطني بتربة الجدود ، ورائحة الأرض ، ونسائمه المضمخة بعبق الرياحين وشذا الياسمين. فقد أعود وقد مللت النظر والحياة في مدينة صاخبة جرداء ، تضج بالمادة يغفو فيها الحب وتصطخب بالأنانية ولربما أعود وأنا أحمل قلبي السخي بالحنين ، لأني أدرك أن لا حياة للمرء إن لم يكن بين أهله ومحبيه. وأنَّ الشوق لا يعرفه إلا من يكابده ويعانيه.هناك في أرض الوطن جحافل ممَّن جربوا الغربة واقوا مرارتها ، عادوا محملين بالشوق ولربما آخرون يتأهبون للهجرة من جديد ، ولكن لا تدعوهم يلملمون الأشواق ويحزمونها في حقائبهم بل إحتفظوا بها ريثما يعودون.فارقتكم بغصة الفراق ولكن إلى لقاء قريب ، وقلت لكم سأرحل وقلبي متبول ، ودموعي حروف حزن راعش منذ لحظة الوداع. فارقتكم وأنتم ترددون زفرة الشوق والحب والحنين: " إنما أريد وطناً لأموت من أجله أو لأحيا به ". فلا أملك إلا أن أردد بكلمات بعد من تغنوا:
يا طير يا ماشي لأهلنا ** أسرع وصل رسائلنا
السبت، مايو ٢٦، ٢٠٠٧
ما بين كشف الحال وسوأة المقال وخطر المآل، بضع تعقيبات على ترَّهات حامد حجر يساريون في حركة العدل والمساواة
ما بين كشف الحال وسوأة المقال وخطر المآل، بضع تعقيبات على ترَّهات حامد حجر يساريون في حركة العدل والمساواة
• تعجبت ـ أيِّم والله ـ أيَّما عجب للسيِّد حامد حجر وهو ينبري مجدداً للدفاع بإستماتة عن مشروع إجهاض ثورة المهمشين ولسان حال المستضعفين، والجديد هذه المرَّة في مقالات حجر هو أنه كشف عن حالٍ جديدة لم نكن على علمٍ بها من ذي قبل، ولو كنا نعلم بهذا الإدعاء لأمطنا عنه اللِثام ونفضنا عنه الغبار وفضحنا المستور، ولكن طالما وقتذاك تستَّر حجر وجعل من حاله طي الكتمان لم نكن نخض مع الخائضين، أمَّا الآن، فحجر تقمَّص قميص اليسار وإدَّعى أنه مع آخرين (لم يذكرهم) كانوا في يومٍ ما يُمثلون التيار اليساري داخل حركة العدل والمساواة السودانية، ومن المفارقات أنَّ هذا الإدِّعاء الباطل يُدحض نفسه إذا علِم القراء بأنَّ حجر كان ينتمي لحزب البعث قبيل إنضمامه لحركة العدل والمساواة، وأيَّما قارئ حصيف أو متابع دقيق لمشاريع الأحزاب السياسية يستطيع أن يميِّز بين اليسار المُدَّعى عليه والمفترى فيه وحزب البعث (العربي) مهد العروبة والإعتقاد الجازم بأنَّ العروبة جسدٌ وروحه الإسلام!!• ومن أسفٍ، أننا (أقصد أنا وحجر) قبل عامٍ ونيفٍ من الآن قد تساجلنا بمقالاتٍ عديدة وفي منابرٍ حوارية مختلفة مفتوحة على الفضاء الطلق إبان ظهور مذكرتنا التصحيحية وقتئذ للخروج بحركة العدل والمساواة السودانية من ضيق الإنغلاق في القبلية إلى سِعة الإنفتاح في القومية، وحينها دلفنا إلى إجرا حواراتٍ عديدة وجريئة تحديتُ فيها حامد حجر بأن يُنكِر صحة فقرةٍ واحدة ممَّا حملته المذكرة، ولكنه لم يستطيع وتجرع من كأس الهزيمة وذاق مرارة الهزيمة الذي هو لربما يوازي مرارة العلقم، بل وعمِد بعد ذاك إلى الترويج للإشاعات المغرَّضة والأكاذيب الملفقة بُغية القدح والنيل من القيادات التي أصدرت المذكرة التصحيحية، وحاول حجر إزكاء نار الفتنة وصب مزيداً من الزيت على نار التوتُّر السائد آنئذ في الحركة ليزرع فتيل وبُؤَر جديدة لإتساع نطاق الهوَّة وإفراغ المذكرة من مضامينها ومعانيها، بيد أنه لم ينال مراده نسبة لسوأة مقالاته وسوء حظه، وأذكر أنني حينها قلت له أننا من خلال المذكرة لا نريد إلا الإصلاح في الحركة ما استطعنا، وها قد تحقق ما كنا نبتغي.• ومن عجبٍ، أنَّ حامد حجر أعاد كرَّته مرة أخرى لمواصلة محاولات الإغتيال السياسي وإستمرأ في محاولاته هذه، وفي هذه المرَّة طفح الكيل لأنَّ حجر زعم بل إدَّعى وإفترى الكذب حِيال المؤتمر العام الثاني للحركة والذي إنعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الفترة من 30/12/2006م إلى 3/1/2007م، ولعلَّ القاصي يُدرك قبل الداني ويعرف تماماً أنَّ المؤتمر هو نِتاج طبيعي لواقع الترهُّل الذي كانت تعايشه الحركة في تلك الأثناء إبان تمعُّن السلطان خليل إبراهيم (الرئيس السابق للحركة) النكوث عن مبادئ الثورة والإرتداد عن أهداف الحركة (العدل، المساواة) وتقوقعه في الإطار القبائلي الضيِّق وإنكفائه في العشائرية النتنة وإحاطته لنفسه بأفراد من فخذ قبيلته كإحاطة السوار بالمعصم وزعامته للأقلية (الإثنوسياسية) التي ظهرت وقتذاك في الحركة وتهدُف للسيطرة على مفاصل الأمور داخل الحركة من مالٍ وعلاقاتٍ وقوةٍ عسكرية ...إلخ وبناء (مركز) جديد داخل ثورة (الهامش) وإستخدام بقية المهمشين كـتمومة جرتِق وترميز تضليلي لتحقيق مآرب قبلية وأطماع ذاتية وطموحات شخصية!!.• ولعلُّ الدواعي التي إستدعت إلتئام المؤتمر العام الثاني للحركة، كانت بيِّنة ولا تشوبها شائبة إلا لمن عُميت بصائرهم ولا ينظرون إلا أسفل قدميهم كزمرة حجر، لأنَّ هذه الواعي هي ما دعى قيادات وقواعد الحركة من مختلف قطاعاتهم وفعالياتهم يتنادون إلى المؤتمر ما أفضى إلى تنهية السلطان خليل والإستعاضة عنه بالرفيق الدكتور إدريس إبراهيم أزرق رئيساً للحركة وقائداً لثورة المهمشين ومهموم بقضايا المحرومين والمستضعفين وحامل أشواق الكادحين.• ولو رجعنا للخزعبلات التي أطلقها حجر وإدَّعى فيها وجود تيار يساري داخل الحركة، فهذا سيؤكِد واحد من إثنين، فإمَّا أنَّ هنالك خلل وإختلال في البنية الفكرية للحركة، أو أنَّ الحركة ما كانت أصلاً تمتلك رصيد فكري يؤهلها لإستوعاب كافة الآرا والأفكار ووجهات الأنظار من مختلف المذاهب والمشارب الفكرية والتي يُفترض فيها أن تكون إنداحت في المشروع الفكري للحركة (إن وُجِد)!! وفي كلتا الحالتين يبدو أنَّ ثمة أمر عُجاب، ولعلَّ ذاك ما دعى المؤتمرون في المؤتمر الثاني للحركة يُعلنوها صراحة بأنَّ الحركة هي ليست مع (اليمين) الذي يغمس الدين في السياسة ويستغله إستغلالاً سيئاً لحد الإساءة وذلك لتحقيق مراميه وقمع الشعب، وهي كذلك (أي الحركة) ليست مع (اليسار) المتطفل والمستهتر بالأديان، بل ينبغي أن تسلك الحركة موقفاً قواماً بين ذلك، وهنا إختارت الحركة (الحيادية) بمعنى أن تكون الدولة محايدة دينياً وعرقياً وقبلياً تجاه رعاياها، ولا تميِّز بينهم بسبب واحد من ذلك، وهذه النقطة من محاسن المؤتمر العام الثاني المدَّعى عليه.• جميع هذه الإدِّعاءات لحامد حجر جاءت في خضم ومعرض رده لمقال الأستاذ مصطفى عبدالكريم مصطفى، ولا أجد حرجاً من الرد ولكن ينبغي على السيِّد حجر ألا ينتقص من نضالات رفاقنا في حركة/ جيش تحرير السودان ويرميهم بالفرقة والإنقسامات والإنشقاقات ويُنكر وقوع ذلك في حركتنا العدل والمساواة، فوقوع الإنقسامات حاصل، والأجدى أن نتحدَّث عن معالجات لهذه الإفرازات، لأنَّ حديث الرفيق مصطفى عن أنَّ السبب وراء كل تلك الإنقسامات هو غياب القيادات الواعية خو عين وكبد الحقيقة، وهذه حقائق ماثلة يجب التعاطي معها وليس القفص فوقها!!• مِمَّا سبق تنجلي الهوَّة بين كشف الحال (حال حجر) وسوأة المقال (مقال حجر) وخطر المآل (مآل قضايا أهل الهامش)، ولأنه نسبة للدور التاريخي الملقاة على عاتقنا حِيال قضايا شعبنا والأمل المعقود علينا، وتقديراً منا لحساسية المرحلة والظرف التاريخي الدقيق والحرج الذي تعايشه جماهيرنا على إمتداد السودان قاطبة ودارفور خاصة، وإنطلاقاً من فهمنا العميق لحاجتنا الماسة نحن كأهل الهامش لبلورة موقف موحَّد بيننا حِيال جميع القضايا، وإيماناً بالمسؤلية الجسيمة الموكلة إلينا في ظلِّ هذا المخاض العسير والمنعطف الخطير من سفر قضايا أمتنا، وإستقراءً للمعطيات الماثلة التي تنذر بمستقبل مهول بالمفاجئات (بما في ذلك صوملة السودان)، أرى أنه ينبغى (بل بالأحرى يجب) علينا نحن كأهل الهامش أن نوحِّد جهودنا ونوجهها صوب الصفوة المترفة والنخبة المستبدة في المركز، لذلك أجد نفسي مثمِّنا لكتابات الإخوة الرفاق مصطفى عبدالكريم مصطفى وذو اليد سليمان ومختار داني وشريف آل دهب التي تدعوا إلى الوحدة وتوجيه قوتنا جميعها مع بعض تجاه المركز لأنَّ قضيتنا أمام محك حقيقي ومعرضة لخطر محدق لم يمسسها من قبل، ودون الوحدة لن نستطيع بلوغ غاياتنا أو ننتزع حقوقنا، لذلك أأمل ألا أجد نفسي مضطراً مرة أخرى للرد على أحد الكتَّاب مِمَّن يُفترض أنهم من أهل الهامش لأعود على بدءٍ.
الخميس، مايو ١٧، ٢٠٠٧
هل لي أن أغفو وأترك يراعي يتلو عني همهمات نفسي؟؟
من زمن قـرأت كـتـب السابقين المـُـترعه بالخـُـزعبلات .. وتصفـّـحت أحـداقا واجهتها ذات يوم ملؤها الأسى وبعض غموض .. حدقت في
القوافل السائره على أوتار مخيلتي بصمت ودعه... وأغلقت النوافذ المشرعه في كل ركن من أركان نفسي ..إلا على أحـلامـي.. تماديت في السؤال والحنين واللهفه بلا طائل يـُـذكر... وندمت..نعم ندمت لكني
لم أحاول شرب كأس ندمي المتصبغ برواسب الحاجه والخوف.. فهو مـُـر يشبه بلونه وطعمه الذي لم أتذوقه لكنني شعرت به يشبه نباتا لاحظته في شعاب كرة يسمونها الكرة الأرضية وليسو متيقنين من ذلك ..نبات يدعى الصبر وياله من صبر.. لوهله تشبثت بمعتقداتي وقناعاتي وتوسـّـدت بغرابه أمنياتي التي مازالت تتسلق أهدابي الغرقى بالدموع بقسوه وتحاول تـشـرُّب سيل دموعي إلا أنها تتساقط معها قطرة قطرة ..وأتجرع مرارة سقوطها عنوة أتجرعه حتى الثماله ولكنني لاأثمل لأنني مازلت أتمرد... لم أعد أكترث بمن حولي برغم طاعتي لهم ..ولم تعد مسامعي تصغي لما يقولونه برغم أني أنـفـّـذه .. فلقد مـلـّـت مشاعري من متابعة ذبذبات لاءاتهم الكثيره التي يسقفون بها صباحي ومسائي .. هاهم مثل كل مره يتشدقون بمبادئهم ولايعلمون أنهم يلعقون رواسب جاهلية غابره .. أمـّـا أنـا كمـا أنـا أشبع مسائي بالإنتظار ... وأتأمل حاضري برضا وهدوء وشئ من صبر .. بلا إستسلام ولايأس .. الإنتظار لغد مجهول .. فأقف على شرفة آمالي وأبكي ودائما تصرخ فلسفتي متمردة على مشاعري ودائما أزداد حنينا إلى هناك.. وأمضي كما السنين ..وكل يوم أرى شمسي تغرب غروبا آخر .. غروبا يذكرني بأطيافهم أطياف تتعلق بمخيلتي وأحتضن بعض بقاياهم داخلي بشوق.. عرفتهم جميعا كل له صوره معينه داخل خافقي . خافقي ؟ خافقي زواياه غريبه كما غرابة الأطفال حين يفزعون بهلع من لاشئ .ويصرخون بفرح لكل شئ.. خافقي تلك النقطه بحجم يدي تتربع في حيز صدري وتختزل الكثير من الكثير.. تلك النقطه وكأنني أسمعها تصدر أصواتا يسمونها النبض ..نبض.. لربما كان نبضا أو فعلا هو نبض ..لا ..أظنه نبض وإن بعض الظن إثــم .. اليــوم ..لم أعد أُبالي أصفعني الآخرون من الخلف أم من الأمام فكلها في قاموس الإهانه صفعات حتى لو تباينت عند بعضهم تباينا بقدر الأمام من الخلف.!!! ربما ساورتكم شكوك بعدم جاهزيتي لمبدأ الإحساس بالإهانه أو تجاوزي لها وأقول نعم لقد تجاوزت حد الإهانه حين تشبعت بها فأنا قد صفعت ولكن منذ زمن.. صفعت من الداخل .. صفعت صفعة قلبت كثير من المبادئ لدي وهشمت فائق جوارحي فوصلت لدرجة التشبع أو بالأحرى البلاده .. لابل التجمد والجليد هنا .هنا أجدني أستحق لقب ..سـيـدة الثــلـج .. التي تتراقص هناك في قمة الجليد ولايعنيها التدحرج والإنهيار شيئا فهي تستجمع ذراتها لتتجمد من جديد برغم مالوقع تجمدها من أنين..!!! أتعلمون..؟؟ اليوم قررت الإستسلام ... وهذه حدود قراراتي..!! الإستسلام .. ويالوقع هذه الكلمه لدي..!! نعم الإستسلام ولكن بشموخ وأنفه فرأسي لم يهن ولن يهن سيظل مرفوعا فأنا وأعوذ بالله من أنا .. لم أجبل على الإنحناء .. تنازلت عن أشياء كثيره ولكني طالبت بأشياء أكثر بقدرتي كإمرأه على تجاوز المواقف وممارسة شتى الحقوق بدون إثارة الشكوك حولي .. ربما أقول هذا لحفظ ماء الكرامه في نفسي.. فأنا أعلنها صراحة ..اليوم قبلت بالحزن حبيبة ونديمة فلقد ألفتها برغم مايلعق جدران ذاتي من فيض سمومها.. اليوم.. وبعنف تنازلت عن تمردي وعن رغبتي العارمه بالصراخ .. الصراخ ..ذلك الصوت الذي يشبه إلى حد كبير العواء .؟؟ ولكـــن بـصـمـت..فأنا لم أجرب الصراخ المسموع وأشعر وأنا في أشد حالات ضعفي أن الصراخ هو سخريه .. سخريه من أنفسنا من ذاتنا المهترئه خصوصا حين لايسـمعنا أحد ..!! وللحظه تحتويني صورة الصمت تلك الصوره التي لاأحبذها ولاتستهويني .. فأنا إنسان إعتاد على الثرثره .. الثرثره بعمق وقدر من إحتراس...!!! أجيد البحث والتساؤل..وأتلبس التغابي حد الغباء ..وأعشق النفس وجدالها العقيم..! أمارس فن الإصغاء ..ويعجبني التجاهل لبعض الوقت.. ينتابني الفضول ..فضول الأطفال المحمود الموشى بلمسه من المثاليه الجريئه.. إلا أنني اليوم أهيم بالصمت ليس لشئ سوى أنه عطره المفضل.؟؟
عرفت الآن بحدسي الغريب أننا نستبيح مسميات كثيره في حياتنا دون أن نستأذنها .. دون أن نعرف إن كانت تقبل بنا مدرجين في سجلاتها أم لا.. وبرغم هذا نستبيحها وبمبالغه أحيانا فإننا حين نبكي . نبكي بعنف يؤلمنا .. حين نضحك نضحك باستهتار يخجلنا ..وحين نخاف نخاف حتى البكاء.. وحين نتألم نتألم لدرجة الخوف .وحين نخجل نخجل لدرجة الإبتسام أحيانا.. إلا أننا نعلم متيقنين أنها بقدرة رحمن جعلت رحمة لنا... فتربعت على سرائرنا وأحداقنا وأفواهنا إيذانا بأننا مازلنا نتنفس ..!! وهنا يجتاحني القهر.. وتستبيحني هي بلا إستئذان فيعتصر قلبي ويعتمره .يحرقه بشده ..ويغريه بالإنصهار .. ترسمني لوحة من لوحاتها المتلفعه بالأسى لدهور سحيقه ..!! تجتبذني إليها وتمارس معي كعادتها الممله لعبة الهوى..!! أتلمس ذاتي أحدق بإنعكاسات طيفها المتلاشي لا أرى لها ملامح أو معالم سوى رتوش تلاشت عبر الزمن حينها أتدثر الرهبه بحنق وتتلحفني هي بدفء أحاول إنتعال الخوف فيقذف بي بعيدا فهو لم يعد ينتابني لأني تمردت عليه ذات حين برغم حاجتي له.. ومازال القهر يتلمسني .. يتلبسني يستنشق روائح من بقايا ذاتي الموغله بعمق في زوايا مهمله داخلي..!!! ينظر لي بذهول يحاول تهدأتي وإجترار لحظات لطالما آلمتني ..وأتعبت تلك النقطه بحجم يدي في حيز صدري .. يعاتبني أتمرد عليه أحتقره.. تمسك بي تتشبث بملامحي ويزيح عنها القدر بعض غبار الهدوء ووداعه..لم أعهد تلك الحركات منه ..أحاول الهروب لكنه مازال قويا طاغيا .. يوغل بالتدقيق بتزيين ملامحي نعم تزيين ملامح في صورة ذاتي المشوهه المتدليه على جداره بذبول...!! اليـوم.. تعترف لي أنها ستقلدني عريسا .. عريسا لمأتم طال إنتظاره .. برغم تمردي وبرغم مالتمردي من ضجيج مخنوق .. اليوم ستقدمني لنعشي .. وأجدها كفتاة حوريه يقدمها مزارع باغي لنهر نيل غاضب.. فقد بهرتها قدرتي على الإلتئام في أشد حالات إنتثاري فأنا في نظرها ســيــد ثــلــج ولكن بـمـلامـح نــاريه .. سيد الثلج الذي يغفو على الأحلام ولايطلب المزيد لتحقيقها.. سيد الثلج الذي يتمنى البعيد ولا يجرؤ على الإقتراب إليه .. سيد الثلج الذي يعشق الصبر ويعشقه الصبر ولايتأوه الا بالخفاء في السكون وبصمت .. والآن هاهو القهر أراه جيدا يقترب مني ويضع يده على فمي ليطبق بقسوه على أنفاسي .. يزداد بهجه فالأنفاس توقفت .. لم يكن يعلم أنها إنقطعت منذ زمن.. ولكني مازلت أتمرد ..وهو تقدمني لقمة سائغه لسيدته..الـحـــزن.. تهتز بقايا ذاتي المتلاشيه منذ حين وتتعثر خطوات طيفها بلا أثـر .. يتعبني صوت أنينها فأتسمر وأنتفض تسري روحي وتنساب في دياجير عروقي بقعقعة غريبه كــلاأدري ... أسمع همهمات.. وتداول حديث أسمع صوت القهر يساوم الحزن على بقاياي ..في صوتها صدى حنين ..أسمعها جيدا توصيه بي .. بل برفاتي تقول له رفقا به فهو غالي لطالما إحتضنني بذبول .. وهاأنا اليوم بإسوداد جوفي أسلمها لك سيدتي الحزن.. الحزن يقترب مني يتقبلني يعانق رفاتي أستخدم صوتا كصوت الصراخ أقرب منه للنحيب... يزعجني أفولي الغريب الذي إختاره لي غيري وساوم عليه بنفسي.. يحدق الحزن في عيني المتعبتين الوالهتين والحالمتين... تقبلني بشفاهها الحارقه بإنتشاء وأنا أزداد إمتقاعا بإمتقاع لون الغروب.. لتحمل أسراب السنونو المهاجره روحي.. لأتمدد هناك بلا خوف ولا رهبه ولا عناء وحينها أدرج في صورتي أنينا يشبه البكاء.. وأذرف بحرقه ماء عيناني فعيناي لم تجبلان على حمل الدموع .. دائما تطردها بتمرد ترميها بعيدا فتذوب كل خافقه داخلي وتنهار بوقع إنجراف دموعي.. أشهق بألم وحرقه فالقهر جارح.. والحزن جارح ..والظلم جارح.. والخوف جارح ..والكبرياء جارح.. نعم هو الجرح من ينتصر في النهايه ويعزف سمفونية الوداع .. وتسبل الأحداق .. وتسير القوافل ... وتصدر الكتب... وتقفل النوافذ المشرعه إلا على أحلامي.. حينها أودعها ..أودع ذلك الخيال الذي حلمت بملامسة تعرجات ملامحه.. ذلك الحلم الذي طالما راودني ولم أحققه.. فأذبل وتذوي نفسي وأبكي ..وأحرص حينها بأني إستبحت البكاء في جميع صوره ورغما عنه ..فالبكاء لمثلي رحمه.. رحماك يارب ....رحمـاك..
يالِـهـذه الغربه التي تحتويني ..تغتال بعض صباحاتي المفاجئه .. أحتال على ضوء الشمس وأحاول إختلاس لحظات ظلمه .. نوع من الهدوء بلون الحزن داخلي ..ألامس كوبا من الليمون بحثا عن رمز لراحة بال .. بحثا عن لون يميز حاجتي.. ينتابني حبر لقلم لطالما إتكأ بحنان على مزيج أفكاري.. وفي إختيال وخيال متواضع أغرز أصابعي في ذلك الحبر وأنظم كلمات قبعت في رأسي من سنين .. وأنمّـقها..وأكتشف بعد طول عناء أنها تصافيف خائره إعتراها الذبول عبر ذبولي في سنين حياتي.. عندها ألاحظ كما لاحظ غيري بلا ميزه تذكر..أننا كلـّما كبرنا كبرت مشاكلنا وهمومنا.. وكلمّـا كبرت أحلامنا عجزنا عن تحقيقها وتضاءلنا بقدر عِـظـَم أفقها.. وبقدر ماإحتوى أصابعنا من حبر شـوّه صفاءها.. من سنين إلتهمت كثيرا من الكلمات بِـشَـره ..كنت أظن حينها أنني سأحظى بالتهامي لها بمتعه أو نشوة إنتصار على ذاكرتي الغريبه التي لاتتذكر إلا مايشقيني.. وعلمت بعد فوات الأوان أنها لم تكن سوى إحتقان ينتاب فكري الحائر.. ويملؤه بترهات لاتنفع ولاتؤتي ثمار بل تجبره على النسيان وتضعف ذاكرته حين تثقله بوجودها حيث لافائدة من وجودها.. أرسم زهره وأتخـيّـل ملامحي داخلها.ألوّنها بنظرة من عيناي وبلون من ألوان خيالي الحالم.. خيالي يقبع بكبرياءها المخنوق في مكان ما داخل رأسي .. لاأستطيع تحديد ذلك المكان لكنه لابد في مكان حصين من رحمة ربي بي حيث لاتصلها يد الباغي في عالمي.. خيالي مازال قويا وعذبا برغم ركوده أحيان وبرودة ذوقه أحيان.. برغم إهتياجها لحظات وشدة جنونها لحظات أخرى..كما هي لغة الطقس في بلادي .. خيالي يدهشني بقدرتها على التمرد على ذاتي المهانه بقسوه.. ذاتي ذلك الطفل الموءود داخلي الذي لايفتأ من مراودة ذلك الباب الموصد في زاوية من زوايا عالمي.. تراوده لعلّـها تحظى بفرصه للإنطلاق.. ذاتي تلك الغريبه المتطلبه مازالت تحدّق في الباب وتدنو لتلامس قبضتها المتآكله بغرابه بفعل سنين كثيره لم تشتهي لنا أن نـَعـُـدّها أو لم نرغب بـِعـَدّها..تلامسها لكنها تتراجع بهلع خوفا منــ.. لاأدري ولاأريد أن أدري آآه يالـذاتي ..ويالنفسي..ويالــ..!! أرنو للبعيـــد علـّـني أنسـى ..وعلـّـها تنسـى .. أبحث عن أشياء أفتقدها ..أبحـث عنها بلهـفه وأحاول تلمـّسـها في الظـلـمه التي إختلستها برغم صباحاتي المفاجئه..وأمد يدي بخوف ورهبه من المجهول المـُحدِق بي.. وأعلنها بكبرياء مخنوق كإختناق خيالي المتمرد .. أعلنها وأقول .. يالـه من صــَبــر..ومـزيـــج من بقايا حـِـبــر.. شـِـبه تـوقيـع أنا لست إلا حروف ملـّت من قواميسها.. وأمواج كلـّـت من محيطاتها.. .نفثت بعضاً من هجير روحي
هـُـنا ساقـتـنـي أقـداري حـيـثُ الحزن ..كيف الحزن ؟ أما زال بلون الورد الجوري كما عرفـتها حين لقاءنا الأول هـُـنا ساقـتـنـي أقداري!! حيث لاأدري هل أنـتـمي أم لا لـكـنـّه الـقـدر وليس لي إلا أن أستجيب وأحتسب كي لاأُضيع باقي عمري بالتـحـسـّر ويضيع أجري بالـتـّأوه الغير مـُجدي هـُـنا ساقـتـنـي أقداري!! ولم أجرؤ على أن أرفض لكني أحتال على حـُزني بنوبات فرح فرح طـفولي يـحـمـلني إليك سـيـدتي .. ماحـالـُـك ؟ سـيـدتي ..عانق عيناي بعينيك إرفأ جـُرحي لكن لاتـلـمـسيني فأنا لا أقوى! سـيـدتي .. كـيـف أنـت ؟ أعرف ماذا أصبحت..أعرف كل تفاصيلـك وأنت توغل في هجراني دون أن تدري سـيـدتي ..أوراقي إرتوت من قطرات حبري وأنا أزداد عطشا مع كل قطره سـيـدتي ..إحملنيي إليك حتى لو في حـُـلـمي لكن لاتـلـمـسيـني فأنا لا أقوى! هـُـنـا أتـساءل دوما كيف تنساق حروفي إليك أنت راغمةً راغبه حـُبا وشـوقـا ولـها وعـِشقا وأنت هـُنـاك تـتـمرغ في أحضان النسيان عفوا دعنيي الآن أغتسل بماء إستغفاري فحبي لـك إثـْـمٌ لـمـثـلي!! سـيدتي .. مـاأنت ؟ حـُـلـمٌ أنـت ؟ أم لحـظـة طيـش ؟ أم زمنٌ خارج حدود سـنـيني سـيـدي.. إقـبـلني مدرجةً في سجلات طفولتك لاأريد المغادره يكفيني أني هـُـناك فـيك ومـعـك ولـك سـيـدتي ..كيف إستطعتَ أن تـُـغادري أو إستطعتُ أن أغادر لا لم أغادر بل غادروني هم وغدروا بي حين غـِياب مـِـن نفسي عن نفسي .. آآآه مـَـن وقـّـع أوراق إعتقالي ؟ لاأذكـر أني وقـّـعت..هـل وقـّعـت؟ هل كان إسمي فعلا على الأوراق؟ أم هو اِسم ذلك الذي يدّعي أنـّـه أنـــا هو وقـّـع ..ومتـ أنــا!!؟ رُبـّما بـَصـَـمـَـ تأكيدا كي لا أعرف بـابـا ً لـلـعوده سـيـدتي.. حاولي أن تقتربي مني لحظات لأشـْـتـَـمّ عـبـقك لكن لاتـلـمـسيني فأنا لا أقوى أريد أن أقرأ كلمات جبينك هل إسمي قد وُثـّـق فيها هل هو موجود ؟ أخبريني حتى أرتاح فـجفـاؤك مؤلم ووجودك َأ ْلـَم!! سيـدتي.. غامـِـري من أجلي أشعلنيي أحرقيني وأكتبيني عاشقة أبـَديـّ سرمديٌ إقرأي عـيـناي لكن لاتـلـمسيني فأنا لا أقوى!! سـيدتي.. سأمت أوراقي إنتظارك فانتظارك مـُـتعب ووحيف غروبي موجع شمسي بدأت تغادر منتصف السماء وأنـت هـُـناك لاتـأبهين بشئ سيدتي ماالذي تـُـخبئينه عني بين يديك حاولت أن أرى لكنك بارعة في الإخفاء ومقنعة في جفاءك سـيـدتي.. أَعلمُ أني بعيدة حدّ الشمس لـكنـّـك في نظري أشجع إمرأة في العالم أبحثين لي عن عذر لترى حرفي وأقرأك بين سطوري سيدتي عفوا فقرائتك حلم وكتابتك حلم ولقاؤك حلم فهل أنت فعلا حلم عفوا دعيني الآن أغتسل بماء إستغفاري فحبي لـك إثـْـمٌ لـمـثـلي!! سيدتي عاتبتيني مزّق أوراقي وبـّـخـني دعيني أقرأ بين شـفـتـيك نفسي فيلامس سـمـعي صوتك إعبث بـشعري لكن لا تـلـمـسني فأنا لا أقوى سـيـدتي.. إرحمين إنتظاري أنا عن نفسي سأغفر لـك ..لكني وبرفق سأعاتبك عفوا دعيني الآن أغتسل بماء إستغفاري فحبي لـك إثـْـمٌ لـمـثـلي!! سـيـدتي.. معقول أن تحضير ولا تحضرين أسمعهم يحكون حضورك ..لكني لا أراك أشعر بوجودك لكن صعب أن ألقاك ليتني ليلـتها أثأمـلتُ أوردتـي بكأس الجـُرأه وأطـّـلـعتُ لأراك عفوا دعيني الآن أغتسل بماء إستغفاري فحبي لـك إثـْـمٌ لـمـثـلي!! سـيـدتي.. ماِرس بـَغـْـيـَك إسـتـبـِحـْيـني لكن لاتـنـفـيني ..خبئيني بينه وبينك ..فقربك يكـفيني حتى لو جـُرت فأنا أثـمل برائحة وجودك حتى لو جـُرت لكن لاتـلـمـسني فأنا لاأقوى! سـيـّـدة روحي إعـتقـليني ،كـبـّـليـني،أو أجـِريني لاتسأليني ماذا جـَـنيتِ أريدك قـُربي فقـط قـُـربي إعتقيلني إقـبلي بي قـاتـِـلـة أو مـقـتول فـكـِلا الحالـين في عـُرفي حياة بقربك هناك بينك وبين بـَـغـْـيـِك سأمارس حبي بلا وجل بلا خوف بلا خجل سأرسل مشاعري كي تقرئينها على سمعي بالقـُرب مني حيثُ أنا وأنت فقط لكن لاتلمسني فأنا لاأقوى سيـدتي.. للبوح روح تـتـنـفـّس وأنا بـجوارك أتـنـفـّس فلا تحرمني حقـّي في الحياه سـيـدتي..سـأواريـك في قلبـي كما واريـتني في ذاكـرتـك عفوا دعيني الآن أغتسل بماء إستغفاري فحبي لـك إثـْـمٌٌ لـمـثـلي
أشعر بشئ مـّـا يتوغل في نفسي ليتني أفهم ماذا تريدين مني تلك المتخاذله داخلي هاهي تطرق بوهن باب نفسي أُطل عليها من كبريائي .. أسألها مالذي تريدينه ؟ تخبرني بغضب عارم وهي تلوي شفتيها كطفلةٍ مدلـّـله ! تقول أريد أن أهذي ..!! إني أحبك،، يا ... هذه ،، حبيبتيأصمت لبرهه وأسأل نفسي ماذا يضيرني لو تركتها تهذي .. فلتهذي أيتها الأنثى الغريبه ولكن باحتراس ، فأنت حبيبتيواتركي الباقين ليرقدوا هـُـنـاك بسلام فلست بحالةٍ تسمح لي تحمـّـل ضجيجهم.. إهـــذي....سأغفو الآن * * * أنت يامن غرزت بأطراف أناملك الحانيه أظافر البقاء والرسوخ في أعمق أعماق شعوري ... غادرت وتركتيني معي بعض أشياء لاأستطيع تجاهلها ... برغم جرحك إلا أنني مازلت أتذكرك وأحن إليك .أحببتك بصمت .. وبعنف .. أيتها الحاضرة الغائبة أيتها السهل الممتنع أعرف أنك ستعودين .. أجل ستعودين ولكن صدقيني لن تجديني وربما ستجدين بقايا من عبق أريجي بين بتلات وردتي الذابله التي تتخبط في غياهب أمسي تبحث عني تتلمس خطواتي الغائره في يباب غربتي..... وعندها لاتحزن...ولـَـمـلـِم أطراف وردتي وضمها إليك فربما ترتاح روحي الحائره العطشى .... وعندها ..عندها فقط..سأكون هناك ربما طيف خيال .لكن روحي تطير في الأعلى وتتمتم بأحرف لاأسمعها ولاأريد أن أسمعها ..... عندها فقط ستجديني ولكن بقايا فلملميني مع بقاياي وأنثريني عبر الأثير ليحمل أريجي كل الشوق إليك وتنفسيني بعمق لعلـّـي بعدها أعود.... * * * ودي أبكي ....تدريين إني ودي أبكي بـْلا كفايه.؟؟ لاتظن ان البكاء لمثلي نهايه ..هي بدايه يالبكي إشرحين لـِـناسيني تفاصيل الحكاية
أيعـــقل..؟؟ أن تلج حبيبتي وحدها في هذا البحر اللجي...دون أي قارب نجاة أو حتى قارب صغير تتشبث به..... دون أي مجداف أو حتى قشه تلوح بها لعلي أراها وأمد يدي الحانيه لتنتشلها من خضم مأساتها...... أيـعقل ..؟؟ أن تذبل ورودها دون أن تسقى بنبع صوتي وبدفء يراعي..؟؟ دون أن تحتويها عينيي وترعاها...أيعــقل..؟؟ أيــعقل....؟؟ أن تتجاذبها كل أمواج الآهات ولاتجد من يسمع صوت نحيبها وصراخها.....أيعقل...؟؟؟ أيعــقل ..؟؟أن تتوه في وسط صحراء قاحلة دون شربة ماء تسد رمق حاجتها...دون أنيس يفرق جيوش همومها التي تنهش في جسدها الغض... أيعـقل..؟؟ أن تنساب كدمعة ساربه لم يلاحظها أحد ... أيعـقل..؟؟ أن يسعى شخص في هذا العالم لتهميشها وتهشيمها.. أيعقل أن تغيب شموس كل أيامها ولاتعود...؟؟؟ أيعقل أن تنطفئ شموعها وتـغرق في غياهب ظلمات دياجير روحها الحائره..؟؟ أيعقل أن تذبل إمرأه وترعى روحها الآهات والغربه واللوعه ولايحس بوقع صراخها أحد.. سواي أنا..ولاينصت لهسيس تهشمها أحد. سوى أنا..أيــعقل..؟؟؟ ...سمعتها ذات مره تقول ولكن بصمت.. أنها ليست إلا إمرأة قد خانها التعبير في زمــن الجمــــود..!! أو قد تكون شمعة و قــادها التـيـّـار قهراً للبعــــيــــد...!!
أمل .. وقلم .. وحلم هل الأمل شئ محسوس فعلا ..؟؟ أم هو علا ّقه مهترئه يعلـّـق عليها المهمشون أحلامهم البائته .. أهي فعلا أحلام بائته .؟؟ نعم أظن ذلك.. فأنا أشم رائحتها المؤذيه تـُزكم أنفي .. يالهذه الليله التي إحتلت عليها لأعبر من خلالها لعالمي البعيد .. أتعلمـون ..؟؟ لم أفقد الكثير خلال عبوري .. فقد إعتدت على العبور في أضيق الظروف .. ولكن..!! مارست فيها شتى طقوس وألوان الإبتسامات.. إلا أنـّـها تفتقد للنكهه .. تلك النكهه التي تنبع من قلبي ..فقلبي لم يعتد مشاركتي بعض طقوسي المتعبه بالنسبه له.. والآن أُطأطئ رأسي لأعبر تلك الفصول التي لاأعشقها ولا تستهويني بأي صوره ..فقد مللت قفز تلك الحواجز العاليه وتعبت .. تعبت من كل شئ .. الآن أستبيحك عذرا قلمي فأنا فعلا تعبت .. ِأوتأْذن لي لأدعك تستريح من عناء حرفي أيضا...ومن عناء كتابة حلمي البائت..دمت بخير دمتِ بخير يــا ....
هـُـنا.. نـِـثـَـار حــرفي ليس إلا إرتداد لصرخه لم تـُـسمع في كل ليله أتوسـّـد أحلامي وتتوسدني أوهامي فأضع رأسي على وسادتي وأتقلـّـب بعنف أمرّغ وجهي بالوسائد وكأنني أحاول وبجهد إزالة أدران الخوف والألم والرغبه باللا وجود عن بقايا ملامح ذاتي المتآكله .. آه تؤلمني تلك الذات المثقله بالقسوه واللا أمان .. الأمان ذلك المسمـّـى الذي أسمع به ولا أجده .أحاول تلمسه على جدران ذاكرتي فلا ألمس سوى غربتي ولا إنتمائي.. أصرخ فلا يسمع صوت صراخي سوى نفسي.. وأبكي فيؤلمني وقع سقوط دمعاتي على وسادتي .أحاول تجاهل ألمي ببراعة المعتاد فألجأ إلى عدّ دموعي قطرةً قطره فتتجاوز أعدادها حدود معرفتي بما ألفته من أعداد ..وعندها أبدأ بالهروب من دموعي بمسحها فهي لا تستحق عناء عدّها .. ولا يستحق أحد عناء سقوطها.. تـستهويني بداية الهروب وفعلا أعيد الهروب ولكن بطريقة أخرى.. ولاأدري من ماذا..؟؟ ولا إلى ماذا..؟؟ ولا أعرف كيف ..؟؟ لكنني فعلا هربت وبعد حين عدت.. فلم أجـدني..!! بالله عليكم هل تعلمون أين هربت ..؟؟ ولماذا عدت ..؟؟ وكـــيـف.؟؟ولـمـاذا لـم أجِــدني...؟؟ هــل تعـــلمــون..؟؟ رجاءا أخبروني.
الثلاثاء، فبراير ٠٦، ٢٠٠٧
إستقراء حول المنطلقات الفكرية لحركة العدل والمساواة السودانية (2) الإتزان الفكري
إستقراء حول المنطلقات الفكرية لحركة العدل والمساواة السودانية ؛ الإتزان الفكري
الأفكار والآراء فضاءات ولايمكنها التطوُّر إن سُجنت بهياكل حزبية أو تنظيمية تدعي ملكيتها وتفسيراتها وتوجهاتها، لأن الفكر سلسلة من أنماط التفكير للأجيال السابقة له هدف محدد. ولايصح التسليم بنتائجه بشكل نهائي فما تم البناء عليه من عوامل، هي عوامل متغيرة تبعاً للزمان والمكان ومن المفترض القبول بصدقه الزمني والمكاني وعدم قبول صدقه مع واقع زمني ومكاني مختلف.إن الادعاء بأزلية وديمومة وصلاحية الفكر لكل الأزمان والأمكنة ادعاء باطل ومخالف للمنطق العلمي، فالاستقلال الفكري يمنح الفرد القدرة على مناقشة أسسه لقياس صدقه مع الواقع ورفضه عند تعارضه مع الواقع تحاشياً عما يسفر عنه من نتائج سلبية تضر بالواقع المعاصر.وهذا الاستقلال الفكري يحقق لمعتنقه التوازن النفسي عند تعامله مع الواقع وعدم انصياعه لرؤى وأفكار مخالفة تضعه في دائرة الشك والفشل على المستوى الشخصي!.ونحن في حركة العدل والمساواة السودانية نعتقد أنَّ التكوين الفكري الصحيح للفرد، هو عامل أساسي في الاتزان النفسي ليتوافق مع نشاطه المهني وميوله ومواهبه المراد توظيفها لخدمة الإنسان".إن التوازن الفكري هو الإيمان الراسخ بصدق الرؤى والأفكار مع الواقع لتحقيق المهام الهادفة لتطور وتقدم المجتمع، واختلاف الرؤى والأفكار هو آلية حضارية لمناقشة مدى صدقها أو تعارضها مع الواقع لإيجاد السُبل الصحيحة لتحقيق التوازن بين الرؤى والأفكار المتقاطعة قدر الامكان للتقليل من فسح الفشل المتوقعة. فبدون تحديد ماهية المفاهيم والمدلولات والمصطلحات لايمكن إخضاع الفكر للمناقشة، ولايجوز إطلاق العنان للتفسيرات غير المنطقية (الشخصية) للرؤى والأفكار بما يحقق رغبات ومصالح القائمين عليها وتضر بمصالح المجتمع.إن التعصب الأعمى لفكر ما دون النظر لنقيضه من الأفكار يدلل على جهل المدعي به، لأن الفكر يناقش الشيء ونقيضه للتوصل إلى رؤية جديدة متعارضة أو متفقة بعض الشيء مع ما سبقها من أفكار ورؤى وليس بالضرورة أن يكون الاستنتاج صحيحاً كلياً لأن للحقيقة أوجه متعددة فكل وجه منها وجه صحيح ولاتوجد حقيقة كاملة لكن توجد أفكار متوازنة تعبر عن أوجه متعددة للحقيقة ذاتها.وبحسب وجهة نظري الشخصية فإنَّ الاستقلال الفكري هو:"بأنه الإقرار والاعتراف بأن تفكيرك كان بذرة في ثمرة غيرك".فبالرغم من أن التوازن الفكري لشخص ما يمنحه القدرة على التعاطي مع جميع المتغيرات على صعيد الواقع، وبالتالي الإمكانية للتعامل مع جميع الرؤى والأفكار المخالفة لتحقيق الهدف المنشود. لا يجوز التسليم كلياً بصحة الاستنتاجات لتحقيق الهدف دون النظر بعين فاحصة لكافة المدلولات والمفاهيم الجديدة، وتوافقها مع الواقع لتقليل الخسارات قدر الامكان. لأنها ليست خسارات لأشخاص محددين، بقدر ما هي خسارات يتحمل نتائجها مجتمع بكامله عند تعميم الأفكار والرؤى التي لم يثبت صدقها مع الواقع كلياً.وما يجب أن نقوله هو : علينا أن نسعى لإيجاد نوع من التوازن الفكري من خلال إعطاء كل كلمة وزنها الصحيح، ونشعر بالتواضع أمام عبارات المديح عند صدقها مع الواقع".كما يعني الاستقلال الفكري اتخاذ المواقف الصحيحة والمتوازنة من القضايا الاجتماعية لخلق حالة من الوئام والتوافق بين فئات المجتمع، وتوظيف كافة الطاقات العلمية والثقافية والفنية لتطوره وتقدمه. وبخلافه فإنه انحياز أعمى لفئة اجتماعية ضد فئات اجتماعية أخرى، يسفر عن حالة صراع بينها ويضعف أواصر العلاقة الإنسانية بين أفراد المجتمع ويؤسس للفرقة والتشتت ويعيق سُبل التقدم الاجتماعي.
إستقراء حول المنطلقات الفكرية لحركة العدل والمساواة السودانية (1) الإستقلال الفكري
إستقراء حول المنطلقات الفكرية لحركة العدل والمساواة السودانية ؛ الإستقلال الفكري
إن ديمومة الصراع بين القديم والحديث هو في حقيقته صراع بين جبهتين، جبهة تقليدية محافظة غير قابلة للتطوُّر والتحديث، وجبهة متحررة ومواكبة للنهضة العلمية وتطوُّر الحياة. وعملياً لايمكن إيجاد تسوية بين الجبهتين، لأن الصراع بحد ذاتهم تعلق بقيم ومبادئ متناقضة إلى حد بعيد، قيم محافظة ترفض التحديث والتطور وقيم متحررة وترفض الجمود والتقوقع.ولا تدعو حركتنا هذه حركة العدل والمساواة السودانية( جبهة التحرُّر والعصرنة ) إلى إلغاء الماضي والبدء بمرحلة جديدة، وأنما تحرير الماضي من القيود والتواصل مع الحاضر عبر ثورة نقدية تضيف للماضي بعداً جديداً في أفق الحاضر خاصة في الشأن الفكري، فمتى تحررت الأفكار من قيودها أدت لتحرر المجتمع. وهذا ما يرفضه التقليديون والحرس القديم من غلاة السودان القديم، لأن تلك القيود بالنسبة لهم عبارة عن سلاسل تكبل فئات المجتمع وتجعل منه قطعان من الخراف يقودها الحرس القديم.ويرى بعض المفكرون، ما يسميه التقليديون آفاقاً، نسميه قيوداً، ما يدعونه حقيقة ندعوه خطأ. ما يرونه مثالاً، نراه انهياراً وتخلفاً. يبشرون بمجتمع القطيع، بمجتمع النسخ. يبشرون بالإنسان المحدد، المصنوع، المتشابه، الحيوان، الإنسان الذي يُرعى ويهياً، ويُربى، ويدجن ويوضع طوق في عنقه. إن عالمنا ليبدو من خلال المفاهيم التقليدية عالم زرائب ومستشفيات ومصحات".مازال مجتمعنا، مجتمع وثني يعبد الأصنام وما الديانات السماوية إلا واجهات يختفي ورائها الوثنيون. ففي كل نظام شمولي هناك صنم يتم عبادته، وفي كل حزب سياسي صنم يسجد له، وفي كل كنيسة وجامع هناك صنم يبجل ويطاع.ولكل تلك الأصنام، مجموعات من الجهلة والأميين والانتهازيون، تقدم القرابين وتحج في اليوم ألف مرة في بيت السلطان وتصلي بمثلها بمحرابه خاشعة وخانعة!.الثورة يجب أن تنطلق ضد منظومة العبادة للأصنام، لا ضد الأصنام ذاتها. لأن قدسيتها تأتي من منظومتها المسيطرة على عقول البشر. إذاً يتوجب أن نتوجه بالنقد ضد المبدأ لا الأسلوب، ضد السبب لا النتيجة، ضد العقلية لا الممارسة.ويعتقد البعض الآخر من المفكرون أن النقد الثوري هو النقد الصحيح، لا الفاسد، نقد المبدأ لا التطبيق، نقد النظرة ذاتها".الثورة يجب أن تأتي بجديد، يعيد البناء، جديد يقدم الحلول للمشاكل الاجتماعية، بديل يكشف زيف الأسس والمفاهيم المعيقة لمسيرة التطور والتحديث.إن تؤسس لحضارة جديدة، يعني أن تأتي ببديل ثوري يهدم المفاهيم والقيم الموروثة البالية. ويعمل على تأسيس، منظمومة من مفاهيم وقيم جديدة تسهم في تقدم المجتمع. وتلك المفاهيم والقيم الجديدة، ليس بالضرورة أن تكون مقنعة ومقبولة لدى جميع أفراد المجتمع.فالحديث والجديد لايجد قبولاً وطريقاً سالكاً له لدى فئات عديدة من المجتمع المتخلف لكنه مع الزمن يكسب إلى جانبه قطاعات أوسع من المجتمع بعد أن يتيقن الناس من حقيقة تحقيق مصالحهم الآنية وفقاً للآلية الجديدة، وحينئذ سيتخلى الوثنيون من تلقاء أنفسهم عن مفاهيمهم الضالة.وبرأيي الثورة على الماضي الحضاري في حاجة إلى أن يكون لديك بديل لها من حضارة جديدة، تريد أن تبنيها. والثورة بدون بديل هي هدم بدون بناء، ولايمكن أن تكون ثورة ناجحة لأنها تفتقد لوسائل الإقناع وتفتقد لروادها وحوارييها والقائمين عليها. فلكي تحقق الثورة على الماضي الحضاري بحاجة إلى بناء واقع حضاري متميز (ذاتي) وإلا فلن نصنع ثورة لأنها ستكون حينئذ غير هادفة".ولا يجب أن تترك الثورة ذاتها دون نقد متواصل لأخطائها وعثراتها، لأن تجددها ومواكبتها للحديث يحتاج إلى قوة نقدية من نخبتها المثقفة. وهذا الأمر لايتحقق سوى بوجود مساحة من الحرية، يمكن من خلالها للنخب أن تنتقد وتطرح الأسئلة وتبحث في سُبل التقدم نحو المستقبل.وأعتقد أن الثورة لاتتجدد إلا بقوة نقدية خلاقة، تمنحها بعداً جديداً أو تدخل إليها دفعة جديدة، فهي لاتتجدد إلا بالإبداع والحرية والتساؤل والبحث والتخطي".إن الثورة الحقيقية، هي عملية تحديث وعصرنة مستمرة لكافة مرافق المجتمع. ومحاولة الثورة التغلب على العقبات التي تجابها، تعد بمثابة اختبار لمدى صًّدقية نهجها في التجديد والعصرنة. لن تعترف القوى المضادة للثورة بهزيمتها الفكرية، وتنتهز الفرص للنيل من الثورة والترصد لأخطائها وإخفاقاتها.ومن وجهة نظري يجب على الثورة أن تمتحن نفسها لكي تتعلم كيف تسير؟".وبما أن الثورة منظمومة قيم جديدة، تؤمن بالتحديث والعصرنة للمجتمع فأنها تحتاج بشكل مستمر إلى جيل جديد، يعمل على تفجير براكين عصرية جديدة داخلها لكي تتطور وإلا فأنها ستبقى أسيرة نهجها القديم. إن الكفاح ضد منظومة المفاهيم التقليدية، لاينتهي بانتصار الثورة عليها بل بالاحتفاظ بهذا الانتصار وتطوير سُبل الثورة واستمرارها من خلال ضخ دماء جديدة في شراينها. ومهمة الثورة الإعداد لجيل جديد يستلم المهام والمسؤوليات نحو المستقبل، لا أن يعمل الثوار الجدد على خلق أصنام جديدة ويدعون لعبادتها بدلاً عن الأصنام القديمة. إن المهمة الحقة تهديم منظمومة القيم للمجتمع الوثني وتحطيم الأصنام وإدانة أي فرد أو مجموعة تروج للمجتمع الوثني ومفاهيمه خاصة تلك الوثنيات التي تستر عريها بعباءة الديمقراطية في العلن وتمارس عريها ووثنيتها وعبادتها للأصنام في الخفاء!.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)