الاثنين، مايو ٠٨، ٢٠٠٦

( إن الإنسان ليطغى ) رداً على حامد حجر

( إن الإنسان ليطغى ) رداً على حامد حجر إنكم خميرة عكننة الثورة ولو كره جبرائيل برهام

* لقد تعجبت ثانيةً ( أيم بالله ) أيما عجب للسيد : حجر وهو يواصل في غيه وعنته ويستمرأ في المضي قدماً للدفاع المستميت عن مشروع ( قبلنة ) حركة العدل والمساواة السودانية أو على الأحرى ( زغونة ) الحركة ولا يتوارى خجلاً في ذلك ، بل أضل جبلاً كثيراً ولم يعقل أو يتعقل ولن أظنه سيفعل يوماً . * فمنذ إنطلاقة ثورة المهمشين في دارفور ( حركة العدل والمساواة السودانية ) آلينا ( نحن ) على أنفسنا ألا نألو جهداً أو ندخر وسعاً في الحفاظ على قومية توجهات وأطروحات ومنطلقات وبرامج الحركة ، وأن ننأى بأنفسنا تجاه الحركة في ألا تكون مطية ومعبر لبلوغ مآرب قبلية أو أطماع ذاتية أو طموحات شخصية ، وهذه هي القيم التي تميزنا الآن عن ( حجر ) ومبتعثيه الذين يتحدثون بـ ( شوفونية نفسية ) و ( غيلان عشائري ) و ( سياج قبلي ) . * ولأننا في ظل ظروف دقيقة تمر بها أزمة السودان في دارفور ، ما كنا نود أن نفسح عن الملفات السخنة التي بطرفنا أو نفتحها ، ولكن الإضطرار الذي نحن فيه عقب ما طرأت من مستجدات ألزمتنا أن نملك القارئ الكريم بعض هذه الحقائق ونترك له بعد ذلك الحكم على صحتها ومقارنتها بالوقائع الماثلة الآن : ـ لقاءات ( خليل إبراهيم ) مع ( صلاح قوش ) في فرنسا بباريس ، ثم لقاءه بـ ( على عثمان ) بطرابلس في ليبيا ، ولقاءه خفية من وراء ظهر وفد الحركة المفاوض في أبوجا بـ ( صلاح قوش ) ثانيةً ، هل يا ترى وافق ( خليل ) على المساومة التي قدمت له بإعطاءه منصب مساعد رئيس الجمهورية ؟ مدى علاقة ذلك بترؤسه الآن لوفد الحركة في المفاوضات !! ـ لقاءات ( الجمالي حسن جلال الدين ) مع ( مطرف صديق ) و( سيد الخطيب ) في ليبيا بغية رعاية أسرته بالداخل مقابل زرعه للفتن وإختلاقه للمشاكل والصراعات داخل حركة تحرير السودان ، مدى نجاح الجمالي في ذلك عقب إنشطار حركة تحرير السودان لعدة أجنحة ( عبدالواحد ) ( مني ) والله أعلم بالقادمون . ـ لقاءات ( جبريل إبراهيم محمد وأبوبكر حامد نور ) مع ( على كرتي والسماني الوسيلة ) في جنوب إفريقيا بغرض إقصاء ( عبدالواحد ) حتى يخلو لهم وجه دارفور وإغرائهم بوزيري دولة بالخارجية والإعلام ، مدى نجاحهم عقب تشكيلهم لما يعرف بـ ( تخالف القوى الثورية لغرب السودان ) الذي أقصوا فيه ( عبدالواحد ) ؟؟ ـ لقاءات ( بشارة سليمان )بـ ( مدير الأمن الإيجابي السوداني ) بواسطة ( إبن عم البشير ) الذي هو شريك بشارة سليمان في إستثماراته ، مدى علاقة ذلك بالقبض على ( محمد أحمد مصطفي أونور أدروب ) عضو المجلس التشريعي للحركة عقب إنسلاخه من الحركة ، الإعتقال الذي تم عبر تلفون من ( عاصم أبوبكر حامد نور ) إبن نجل عمة بشارة سليمان وإتصاله بصلاح قوش !! ـ لقاءات ( بشارة صقر ) في السعودية مع ( نافع علي نافع ) بغية إختراق الحركة مقابل مبلغ زهيد وبخس لا يسمن ولا يغني من جوع ( 20000) دولار ، ما علاقة ذلك وتزكية وتثنية ( حامد حجر ) من قبل ( بشارة صقر بغية إستوعابه في الحركة ؟ ومن الجانب الآخر ما صلة ذلك باللقاء الذي عقده ( حامد حجر ) الإسبوع قبل الفائت مع ( العقيد أمن : محمدين حمد يوسف الملحق الأمني بالسفارة السودانية في لبنان )وتعهد حامد حجر بإمدادهم بكل أرقام تلفونات وعناوين منازل رموز الحركة غير المقتنعين بالتنازلات اليت قدمت كثيراً في أبوجا وإشانة سمعتهم وإغتيالهم سياسياً ، ما الربط بين ذلك وما يقوم به حامد حجر الآن من سب أرعن وإستهداف شخصاني لرموز الحركة الذين قاموا بتقديم المذكرة التصحيحية الشهيرة للخروج بالحركة من ضيق القبلية إلى سعة القومية ؟؟؟ ـ لقاءات ( أحمد محمد تقد وبحر إدريس أبقرجة ) على إنفراد مع ( مجذوب الخليفة ) بأبوجا بالفندق في الجناح الشمالي الغربي في الطابق الثالث الغرفة رقم ( 7 ) علاقة ذلك وإنخفاض السقف التفاوضي للحركة في المفاوضات من مطالبة برئاسة دورية وستة نواب للرئيس وعودة الأقاليم الستة إلى مطالب هزيلة لا تسوي ثمن الحبر الذي كتبت بها المطالب ؟!! * كل تلك المعلومات الموثوقة ( من المصادر التي لا أشك مطلقاً في صحتها ) كنت أملكها وما كنت سأبوح بها لولا ( زوبعة ) حامد حجر التي يأكدها المثل ( الفي بطنوا هرقس براحو بقوم وبرقص ) فهم مخترقون حتى النخاع ، ويدعون ان المذكرة التصحيحية إختراق مكشوف !!! * تحدث السيد : حجر في مقالاته كثيراً وأقحم في غيرما مناسبة إسم الأخ المهندس : يوسف أبوبكر رئيس حركة العدل والمساواة السودانية بالخليج وعضو مجلسها التشريعي ( القومي ) وعضو قيادتها التنفيذية ( العليا ) وإني لأستغرب ذلك ولا ارى وجاهةً في هذا المسلك ، لأن كاتب هذا المقال هو الذي يرد على ( الحانثين ) والمحنثين لقضايا المهمشين والسودانيين ، فحرياً بالسيد : حجر أن يجادلني ( أنا ) إن كان يمتلك قيد أنمل من أدوات المحاورة والمجادلة ، أو على أقل تقدير ألا يقحم شخصاً ليس معنياً بما اكتب ، ولكن لا غرو في ذلك لطالما وقر حجر للـ ( إفلاس ) السياسي وفقدانه ( للبوصة المعرفية ) وغياب ( الرؤية السيو كلامسية ) و( السياكونية ) وكذلك يدل مسلكه هذا على مدى تأثره بالوصايا والإملاءات من ( جبرائيل برهام ) الذي بالطبع سأعود إليه في مقالات منفصلة . * أخي ( يوسف أبوبكر ) أن الحقيقة التي صدحتم ونطقتم بها مع رفاقك كان وقعها على نفوس هؤلاء كالسيف البتار ، والمذكرة التصحيحية التي قدمتموها ورفعتموها مع إخوتك كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهور أولئك ، ولأني على ثقة في أنهم لم ولن يستطيعوا نفي ما اوردتموه من حقائق في المذكرة ، كان من الطبيعي أن يؤولوا إلى مثل ( الحجر ) ( للشخصنة ) أو ( الإغتيال السياسي ) لأنهم قاصرون معرفياً وسياسياً ولن يستطيعوا ان يمسوا فيكم شعرةً واحدةً ، فحسبك قوله تعالى ( يوسف إعرض عن هذا ... ) صدق الله العظيم . الآية ( 29 ) سورة يوسف . * وجاء في المثل قديماً ، أن الذين في قلوبهم ( أكنة ) ولا يستطيعوا ان يفقهوا او يتفقهوا ، لسان حالهم يقول : ( الما بتلحقو جدعو بالحجر ) و( الحجر ) هنا أراد ( جبرائيل برهام ) أن يستغله ، لأنه عجز عن مقارعة ( يوسف ) بالحجة وقوة المنطق والعقلانية ، فلذلك أراد إستغلال هذا ( الحجر ) لأسباب شخصانية لا تتعدى الحقد على ( يوسف ) فيما أنعمه الله من رجاحة عقل وفطانة وزهد ودين وتواضع وحب من الجميع ، فضلاً عن ذلك حقد ( جبرائيل برهام ) على ( يوسف ) منذ أن وقع الوثيقة الشهيرة مع أبناء القبائل العربية بالخليج . * ولعله لا تفوت على فطنة القارئ الحصيف والمتابع الدقيق ، الأسئلة التي تكرمت بها وطرحتها في مقالي الماضي للسيد : حجر وتهربه من الغوص في أغوارها أو الرد عليها حتى ، ليزداد التوكيد والتاكيد على صحة ما حملته المذكرة التصحيحية من حقائق وأرقام ، وكنت على ثقة ان السيد ك حجر لا يجرؤ على الإجابة على أسئلتي تلك ، التي كانت كالقشة التي قصمت ظهر ( القبائليين ) ودحضت إفتراءاتهم على الناس كذباً وأمانيهم المترفة بالإستئثار والإحتكار للمواقع المفصلية داخل أروقة مؤسسات حركة العدل والمساواة السودانية . * يلحظ القراء حتى اللحظة ان السيد : حجر على الرغم من عنوان مقالاته الكبير ( مذكرة السبعة ) لم يتناول ما جاء في المذكرة التصحيحية ، ولن يستطيع الإبحار في طياتها ، لأن ( العطالة الفكرية ) و( ضحالة الأفكار ) التي يزدان بها لا تمكنه في ذلك ولا من ذلك . * من السوابق السياسية في السياسة السودانية ( الأساليب البقالية ) وهي التي لم تكن تتأتى من فراغ ، بقدرما أنها نتاج طبيعي للسلوك التربوي والمنشئي الذي يتربون عليه أولئك ، فلا غرو في أن يستنبط ( حجر ) من تلك الأنماط أو يستند على جلها لمحاولة ( الإغتيال السياسي ) التي ما عدت تؤتى أكلها أو تفيد بعدما تكشف وإتضح للشعب السوداني حقيقة مكن يريد ويتوهم ( بالحكم والسلطان ) منطلقاً من منظور قبلي وعشائري ومناطقي على الرغم من أن تلك الفئة لا يتعدى عددها أصابع اليد حيثما وجدوا في السودان الكبير ، ولعل فقهاء السياسة حينما أسموا ( الترونيا ) ووصفوها بأنها ( ظاهرة للتقوقع حول الذات والإنكفاء في النفس )أصابوا كبد الحقيقة التي لها وجه واحد وما سواه شطط القول وسافل الكلام !! * عزاء أهل الهامش الوحيد في أن من بين ( المتسربلين ) بقضاياهم مثل هؤلاء ( الرجاجهة ) الذين لا يفقهوا ولن يفقهوا لطالما ما برحوا ( الإستقلاب ) المعرفي والمفاهيمي والسياسي ، ولأن التخبط العشوائي الأخطبوطي الذي قد يخيب مرات ومرات ولا يصيب مرة واحدة هو ( ذروتهم ) و( سنام أحاجيهم ) ، وهذه بطبيعة الحال التي تغني عن السؤال !!! وما نياحهم الآن ( وزعير ) صوتهم إلا زوبعة في فنجان لا تفيد و( فرفرة مذبوح ) وبغلة كبيرة تود الدخول في الإبريق الصغير . * أورد السيد : حجر في مقالاته ( الوداي ) أو فلنقل ( البرقو ) او ( الصليحاب ) ، وقال حجر أنهم يقول ( هم عرب عباسيون ) و لا أرى غضاضة في ذلك أو ضير ، لأن ( حجر ) ليس هو الوصي على الإنتساب أو الإنتماء ، ولعل شاعر الوداويون حينما أنشد معجباً بأهله كان محق حيث قال : طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب * ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب ولكن إلى النفر البيض الذين بحبهم * إلى الله فيما نالني أتقرب بني هاشم رهط النبي فإنني * بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب فحري بالسيد : حجر أن يحدثنا ويوضح لنا ، إلى من ينتمي هو ؟؟ وإلى أي ينتهي نسبه ؟؟ وإلى أي تاريخ او حضارة أو ثقافة ؟؟ وكل بما لديهم فرحون أما كلمة ( البرقاوي ) التي قالها كثيراً وعدياً في مقاله ، فهي من النسب إلى ( البرقو ) وهي تهمة لا انكرها وشرف لا أدعيه ، ولي مفخرة المتخر وشرف أن أكون واحداً من تلك الأمة وذاك التاريخ الرصين فذاك تاريخي فجئني بمثله ** إذا جمعتنا يا ( حجر ) المجامع أما إذا كان السيد : حجر يظن أنه بكلمة ( البرقاوي ) يسئ لي فهو متوهم و قد خاب أفله و إنصم رجاءه ، لأن القارئ عندما يقرأ كلمة ( البرقاوي ) يستذكر أصالة المعدن ، ونقاء الجريرة ، وطيب المعشر ، وحسن الصحبة ، وعلو الهمة ، والكرم الفياض ، والزهد ، والتواضع ، والشجاعة ، والإقدام ، والثبات ، والتدين ، وتدور بمخيلة القارئ (( سلطنة ومملكة وداي الإسلامية )) التي ملئت الأرض عدلاً بعد ظلم ويتذكر أجداد الوداي العباسيون الذين ملئوا أزمانهم الأرض عدلاً بعد جور ، ولعل ( سلطنة وداي ) التي يتذكرها القارئ يتذكر معها أن لها القدح المعلى والفضل في إدخال أهل الكثيرين من ( المهرجلين ) السياسين الآن في دين الإسلام رهبة ورغبة وطواعية ، وكما يتذكر القارئ بكلمة ( البرقاوي ) مدينة ( برقة ) حيث ينتهي نتسب ( البرقو ) وحيث توجد جنوبي غربي بغداد بالعراق حيث أجدادهم العباسيون ( المأمون والمعتصم والمستوثق وهرون الرشيد ) ، كما يتذكر القارئ مع ذلك وقت قراءته ( للبرقاوي ) أن البرقو ليس هم ( كأهل حجر ) الذين يتزوج أحدهم زوجة أبيه بعد وفاته أو يخلو بإمرأة أجنبية لا تحل له حتى إذا أنجبت رجع بها ثم تزوجها ، ومعروف شرعاً أن ذلك الإبن يعتبر إبن ( زنا ) أهذه هي عادات قومك يا ( حجر ) الذين لم يعوا حتى اللحظة أنهم يعيشون في الألفية الثالثة وليس القرن الثالث قبل الميلاد ، ولعل كلمة ( البرقاوي ) تبرئني من الصفات التي إتصف بها اهل ( حجر ) من نهب وسرقة ولصوصية وغدر وخيانة ، وكلمة ( البرقاوي ) تذكر قرئها بـ ( أئمة المساجد والدعاة وفقهاء الخلاوي وشيوخ المدارس القرآنية واللوح والدواية والتكابة ) . ولا أود أن أسترسل كثيراً في هذا السياق ، أو إجراء مقارنة ، لأن من شروط المقارن هي وجه الشبه ولا أظنه يوجد ، ولأني لست ناطقاً بإسم أمة ( البرقــو ) أو ( حجر ) ناطقاً بإسم ( كوبي الزغاوة ) ، ولأن القبيلتان هما وحدتان إجتماعيتان تربطان علاقات الدم بالرحم والقرابة في إطار التكافل الأخوي والتعاون الإجتماعي ، ولا شأن لهما بالسياسة ، وتربط بينهما علاقات مصاهرة وتزاوج وتناسب ، أتوقف هنا لأن ما نحن نخوض فيه شأناً سياسياً وليس إجتماعياً لإقحام القبائل . * فمن يدعي ملكية ( الثورة ) هو واهم ، فإذا حسنت نيتنا وأخلصنا نوايانا وتجردنا وتغلبت عقولنا وقت إنطلاقتها ، إلا أن الآن حري بنا للأمانة والتأريخ والحقيقة أن نوضح للشعب السوداني عامة ودارفور خاصة من يريد أن يستأثر بمجاهدات ومكتسبات المهمشين و يرد تمييع وتضييع قضايا الهامش مقابل أطماع بخيسة ومن فئة دسيسة وخسيسة ، ولن تأخنا رأفة في فضحهم أو نخشوا في ذلك لومة لائم ، ولن يبتعد أحد عن ( الثورة ) كما يمني ( حجر ) نفسه بذلك ، بل نظل فيها إلى أن تحقق أهدافها ولن نسمح بإنحراف مسارها لتكون مطية لآل ( كوباتيا ) بل هي ثورة لكل أهل الهامش غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً ولا فضل لهامش على آخر إلا بمقدار التهميش وتفاوته ، أما مريدي ( القبلنة ) فليبحثوا لهم عن مركب آخر يركبونه أو كوكباً آخر يعيشون فيه ليعيثوا الفساد كما عهدوا ، أما ماكنة الـ ( أنا ) لم ولن تجدي هنا ولا مكان لها . * وصحيح أننا عند إنطلاقة الثورة وحملنا للسلاح لم نكن نتوقع عقلية ( المؤامرة ) ولم تكن تساورنا في يوم من الأيام أن من بين من حملوا معنا السلاح سينكصوا ويرتدوا عن فكر الحركة ورسالتها للإنكفاء في ذواتهم وقبائلهم وعشائرهم ، ولكن رويداً رويداً تبينا هذه العقلية القبل ميلادية وآن أن نقول ( من نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد الله عليه سيؤتيه أجراً عظيماً ) صدق الله العظيم و( الثورة ) ستمضي وهؤلاء هم ( خميرة عكننة الثورة ) ولو كره ( جبريل إبراهيم ) أو حنث ومات كيظاً وكمتاً . * وكلمة حق أود أن أوجهها إلى الطبقة الواعية في مجتمعاتنا والمثقفة والمدركة لحقائق الأمور وبواطنها في دارفور خاصة والسودان عامة أن تلعب دوراً ريادياً ورسالياً وتضطلع بدوراً رائداً في نشر الوعي والإستزادة المعرفية وكشف الحقيقة وإشاعة السلام والمحبة بين الشعوب السودانية وان يحمل الجميع الأفكار البناءة والجامعة والمعاول التي تزرع وتبنى حتى تسعد هذه الشعوب التي ألهبتها الحروب القاسية وأنهكتها المعاناة والأمراض والجوع فهلا تداركنا ذلك وعملنا من أجله . وفينا شيء من حتى ، وعود على بدء

ردٌ وتعقيب على مقال حامد حجر( مذكرة السبعة إختراق مكشوف ) ؟

ردٌ وتعقيب على مقال حامد حجر مذكرة السبعة إختراق مكشوف

* تعجبتُ ( أيِمْ والله ) أيُما عجب للأخ حامد حجر وهو ينبري للدفاع بإستماتة عن مشروع ( قَبْلَنَةْ ) حركة العدل والمساواة السودانية ولا يتوارى خجلاً في ذلك ، بل ذهب أكثر من هذا ووصف (( المذكرة التصحيحية التي رُفعت وقُدمت لرئيس الحركة من قيادات عُليا ونافذة في الحركة بُغية إصلاح مسار الحركة ومحذرين من مغبة إحتكار وإستئثار فخذ ـ الكوبي ـ من قبيلة ـ الزغاوة ـ للمواقع المفتاحية داخل الحركة )) وصفها السيد حجر بأنها إختراق مكشوف !! يا لهذا الحديث عجباً وأسفاً !! ، فكان الأجدى به قبل أن يصف أو يُصنف المذكرة أن يتضمن في مقاله ما حوته المذكرة التصحيحية من حقائق ماثلة لا تقبل الزيف ولا الإدعاء ، وكان الأحرى به إن أراد أن ينفي ما ورد في المذكرة ، ولكن كما أراه آثر الصمت حيال كل ذلك ليتضح وليتأكد للجميع أنه بما لايدع مجالاً للشك أو المساورة والمناورة أن ما حملته المذكرة في ثنايا طياتها هي حقائق سليمة وصحيحة . * ثم إنبرى السيد : حجر للتحدُث عن مُقدمُوا المذكرة وتحدث فيهم حديث يندرج تحت طاولة ( يُوْبِيَا ) الإختلاف المفاهيمي والسياسة المعرفية ، في تلك الأثناء التي يعجز فيها الإنسان عن مُغالطة الحقيقة الماثلة أمامه ويحسُ بالإنهزام ولا يستطيع مقارعة الحجة بمثلها يتجه صوب إشانة السمعة ومحاولة التشكيك والطعن في من تفوق وإنتصر عليه فلا غُرُو في حديثه ذلك ، ولا أظن أن كُليماته تلك ستنتقص أو تُقلل من قامات كاتبوا المذكرة بل ستدفعهم إلى البقاء كالطود الشامخ والنخل الباسق ذا الطلع النضيد ولا تدانيهم في عُلو رفعتهم أدنى ثمة توطيد أو تغريد . * ثم عرج السيد : حجر مُتسائلاً ، عن لماذا لم يذهب كاتبوا المُذكرة إلى ( الميدان ) وأنا لستُ أدري هنا لماذا لم يسأل ذات التساؤل لنفسه ويُبادر من ثم بالإجابة عليه ؟ أم أن المقاهي الليلية في ( لبنان ) وبالأخص ( بيروت ) ومعارض الأزياء والأجواء اللطيفة والفنانات العواذب والليالي المخملية والعمارات السوامق والأيام الماهلية والأوانس الأجنبية لم تتركه ليذهب الميدان ؟ فسؤاله مردود إليه ولا تسألُوا عن أشياء إن تبدو لكم تسوؤكم . * أما حديث السيد : حجر عن ( الميدان الشرقي ) ، فكان الأحرى به ان يتساءل ويُجيب ، لماذا يتحدث رئيس الحركة عن إستيراد وتصدير ( جلابة ) ومستعمرون جُدُد من المركز لدارفور حينما تم تعيين الحاج عطا المنان والياً لجنوب دارفور ـ وفي ذات الأثناء يُعيين رئيس الحركة ذاته أخيه غير الشقيق ( الأصغر منه ) قائداً عاماً لقوات الحركة في الشرق ؟ وأليس هذا أيضاً تصدير لجلابة ومستعمرون في ظل وجود قادات أكفاء أكثر من هذا المستعمر الذي صُدِر . * وثمة أسئلة اود أن أوجهها للسيد : حجر وأتمنى ان يجيب عليها بسعة ورحابة وألا يضيق صدره كمتاً وبغتةً ، ما هو رأيه في شأن علاقة الدين بالدولة والهوية التي وردت في المذكرة التصحيحية ( الدولة المدنية ) و( الهوية السودانية ) ؟؟ أرجو ألا يجيب السيد : حجر بأن رؤيته للهوية هي ( العُرُوبية ) أو ( الأُمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ) كما كان يعيش ويتَوَهم في ( البَعث ) وتربى ونشأ وفطر على هذا الفهم ؟ * وما هو رأي السيد : حجر بصراحة متناهية ووضوح في إستغلال المهمشين وقضايا الهامش كمطية لتحقيق مآرب قبيلة واحدة أو فخذ منها ؟؟ وما هو رأيه في مُسمى ( تحالف القوى الثورية لغرب السودان ) الذي ورد في المذكرة وإعْتَبَرَتْهُ نكوص حقيقي عن أطروحات الحركة القومية وتنازُل من برنامجها ؟ ناهيك عن ذلك فهذا المُسمى يتناقض حتى مع مُسمى الحركة ( حركة العدل والمساواة السودانية ) ومع تعريفها قومية التكوين والإنتشار ، سودانية المنشأ والإطار ، وطنية الهوية ، فالحركة ترفُض إستئثار أبناء الشمال وإنفرداهم بالسُلطة في السودان و( تحالفكم ) يدعو لغلبة وتحكيم غرب السودان على غيره من الأقاليم ، وهذه هي عين الجهوية والتضاد . * فليعلم السيد : حجر أن زمن إستغفال الجماهير وإستغلال المحرومين والمستضعفين لأغراض خاصة أو مطية ومعبر لمأرب ذاتي عبر( الرِيْتُورِيْكَا ) المُسْتَتِرَة وراء ( الترميزات التضليلية ) الوطنية والقومية والدينية ، قد وَلَى ولن يعود بعدما تكشفت الوجوه على حقيقتها وسقطت الأقنعة وتنامَى الوعي الجماهيري . * ثم تحدث السيد : حجر وأسمى المذكرة التصحيحية بـ : ( مذكرة السبعة ) وهذا خطأ فاضح وقع فيه السيد : حجر دونما علم له به ، لأن ما بداخل المذكرة هو بالضرورة لا يُعبر عن كاتبوه فحسب ، بل هو كذلك يُعبر عن رأي الأغلبية المهمشة داخل الحركة ( من غير فخذ القبيلة المنكفئة على نفسها والمتقوقعة في ذاتها ) ليجد فضاحة قوله فليقُم بعمل إستبيان وسط عضوية الحركة ولينظر بأُم عينيه أن المذكرة تُعبر عن أراء كثيرين من المهمشين من خارج الحركة حتى وفي أصقاع السودان قاطبة الذين يرفضون إصْطِنَاع جلابة جُدُد او إختلاق مُسْتَعْمِرُون جُدُد . * أما الإختراق الذي أشار له ضمناً السيد : حجر ، فعليه أن يُجيب على هذا التساؤل ، أيُهم يُبرهن وُقوع الإختراق ؟ هل الذي يجري ويطارد وراء لقاء ( على عثمان محمد طه ) ليلاً ونهاراً من أبوجا إلى طرابلس وبالعكس ؟ أم الذين آلوا على أنفسهم في ألا يسمحوا أن يُسْتَغَلُوْا كمِعْبَر او يكونوا مطايا لتحقيق أجندة قبيلة ؟ ولعل المكان الذي يسهُل فيه الإختراق هو أبوجا حيثُ توجد الشنط المليئة بالمال بطرف وفد الحكومة وكذلك طرابلس ، وليس الهند أو الخليج او السويد أو أمريكا او بريطانيا أو هولندا !! * ما أضحكني حقاً في مقال السيد : حجر ، هو إصباغ صبغة ( السابق ) على مُقدمي المُذكرة التصحيحية ، وكأنما يُخَيَل للقارئ أن أيُ عضو يصدح برأيه أو ينطُق بنقد ذاتي يجد نفسه يغرد خارج سرب الحركة ، فإن رِضَىْ أوْ أبَىْ وقَبِلَ أمْ رَفَضَ ( حجر) والآخرون سيظلُ كاتبوا المذكرة في ذات مناصبهم التي لم يأتوا إليها كما جاء غيرهم ،!! بل جاؤوا بإرادة جماهيرهم وقواعدهم وهم أهلاً وأكثر للمواقع التي يتبوؤنها ولن يستطيع كائناً من كان أن يعزلهم أو يقيلهم لطالما إرتضت بهم قواعدهم وإختارتهم رؤساء للحركة في دول أمريكا والسويد والخليج وهولندا وبريطانيا ومصر، وأمناء لأمانات الطلاب والشباب والشئون العدلية والقانونية والشئون الإجتماعية والإعلام والثقافة والناطق الرسمي ، وهلمجرا من الأمانات ( على الرُغم من زُهدهم في المناصب ) . * أما حديث السيد : حجر ( وتنسيبه وتنصيبه ) للسيد المهندس : يوسف أبوبكر آدم رئيساً لمجموعة المذكرة وكاتباً لها ومدبراً ومخططاً ، لا أخال انها تُهمةٌ لا ينكرها أصيل وشرفٌ لا يُدعيه شريف ، لأنها حوت حقائق ، ولكيما يوضح ويفضح سوءات أعمالكم ويرفض أن يكون ( تَمُومَة جِرْتِق ) أو ديكور صُوري ، ولكن الحقيقة أنه شريك مع رفاقه في صياغتها ورفعها وتقديمها بل شريك جميع أبناء الهامش في الهم والفهم . * أما الطامةُ الكُبرى في مقال السيد : حجر هو إدعاءه أن كاتبوا المذكرة قد ( جاؤوا) للحركة ، وهنا ألتمس له العُذر حقيقةً لأنه لا يعرف من أسس الحركة ولما ومتى وكيف وأين ؟ لأنه وقتذاك كان السيد : حجر يعيش في أدغاث أحلام ( العُرُوبة ) و( الوحدة العربية ) فإني أسْتَحْسِنُ إن ذهب إلى ( العراق ) حيثُ وُجُود المقاومة العراقية وإصْطَفَ في صفها للدفاع عن ( العُرُوبة ) التي يُؤْمِن بها يكون خيراً له ، أو فليذهب إلى ( سُوريا) لأنها أقرب إلى لبنان حيث يَقْطِنُ الآن ، وليترك التحدُث عن هذه الأشياء التي إن تبدو له تسوؤه ، لأن هؤلاء السبعة لم يجيؤوا كما إدعى ، بل أسَسُوها مع غيرهم وأرسُوا دعائِمُها وظلوا ولا يزالوا وما فتئُوا أن يزُودو عنها ، وفي سبيل ذلك دفعوا كل ما يملكون من أموال ووقت ، وهم ليس في حوجة لمالٍ من الحركة لتجديد إقاماتهم كما إدعى (حجر) ، لأن الذي دفع برخاء ولا يزال يدفع بسخاء لهو قادر ومستطيع تماماً أن يُؤَجِر لنفسه ، ناهيك عن نفسه وفليسأل الذين يأتوا من الميدان أين تهِطُ رحالهم وفي منزل مَنْ ومع مَنْ كانوا يسكنوا ؟ ومَنْ الذي ظل يُرَسِلَ لهم كروت شحن الثُريا دون مَنٍ ولا أذَىً ولا يُرِيْدُ مِنْ ذلك جزاءً ولا شُكُوْرَا . * أما حديث السيد: حجر ( المُتَقَبْلِنْ والمُقَبْلَنْ ) حيث قوله أنهم جاؤوا للحركة بقبائلهم ، فهذه طامةٌ كٌبرى أٌخرى ، لأن الحركة منذ نشأتها بالداخل ثم الخارج لم تكن تحالف ( قبائل ) أو مجلس شُورى قبائل كما تُرِيْدُوْن وتَزْعَمُون ، بل كانت وِفَاق لأهل الهامش الذين إجتمعوا على كلمةٍ سواء فيما بينهم ومِنْ مُختلف أصقاع السودان لإعلاء قيم ومضامين ومعاني ( العدل بدل الظلم ، والقومية بدل الجهوية ، والوطنية بدل القبلية، والحرية بدل الكبت ، والديمقراطية بدل الشمولية ، والإنفتاح بدل الإنغلاق ، والسعة بدل الضيق ، والتكامل بدل التفاضل ، والتوحد بدل التشظي ، والمساواة بدل التمييز ، والإخاء بدل التفرقة ، والتنوع بدل التباين ، والسواء بدل الإستعلاء ، والإثراء بدل الإستمراء ، والطواعية بدل القسرية ، الإستقلاق بدل الإستغلال ، والرخاء بدل الغلاء ) هذه هي القيم التي إجتمعوا وتواثقوا لتحقيقها سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً وتنموياً وفي جميع مناحي الحياة المُتعددة .ولم يجتمعوا لقبائلهم أو بها مثلما زعم ( حامد حجر ) وهذه دلالة على مدى تأثُر الكاتب بالعامل القبلي ونتمنى له الشفاء من داء ( القبيلة المُسَيَْسَة ) أو كما تُسمى عند الأنثر بيلوجيا ( الفُوبيا ). * حتى اللحظة انا مُتحفظ في ردي ، لأن بجُعبتي الكثير والمثير الذي لم أتطرق له قط لا من قريب ولا من بعيد ، وسأحتفظ به لحين صدور رد رئيس الحركة على المذكرة التصحيحية ، أتمنى أن يحظو السيد : حجر حظوي ويُمْسِك يراعه قليلاً لنعيش ( بثيث ) التفاؤل الذي يحُدُنا في إستجابة رئيس الحركة للمذكرة التصحيحية ورأب الصدع وإصلاح ذات البين . * فعذراً أخي القارئ للإستطالة ، التي كانت من الضرورة بمكان لإستقراء المقالات الإنتقائية الإستهداف من ( ذوي فخذ الكوبي من قبيلة الزغاوة ) ودحضها لهم ، مع إستجداء إمكانية الإستعراض وتسليط الأضواء على محتويات المذكرة التصحيحية . وفينا شيء من حتى ، وعَوْدٌ عَلَىْ بِدِءٍ

إماطة اللثام عن (قضية دارفور) وإسدال ستار (التفاوض ) في أبوجا

إماطة اللثام عن (قضية دارفور) وإسدال ستار (التفاوض ) في أبوجا ( 1 ـ 3 )

ثمة مطالب قدمت في أبوجا من ( حاملي السلاح في دارفور ) وهي تمثل إجماع أهل دارفور ، بغية حل وتدارك الأزمة المستفحلة في الإقليم سلمياً ، وتمثلت تلك المطالب في المطالبة بإعطاء أهل الإقليم نائب لرئيس الجمهورية ، إرجاع إقليم دارفور بحدوده الجغرافية مثلما كان عليها في 1ـ 1 ـ 1956م حين بزوغ فجر إستقلال السودان ، توحيد ولايات دارفور الثلاث في إطار إداري كمستوى ثاني للحكم في السودان تحت مسمى إقليم دارفور ، مشاركة أهل دارفور في إدارة العاصمة القومية الفيدرالية ( الخرطوم ) وفق الثقل السكاني لأبناء دارفور داخل العاصمة ، مشاركة أهل دارفور في المؤسسات التشريعية القومية ( البرلمان ـ مجلس الولايات ) مشاركة فاعلة تتناسب نسبياً مع كثافة سكان دارفور من الكثافة السكانية الكلية للسودان ، مشاركة أهل دارفور في السلطة التنفيذية الإتحادية مشاركة تعبر عن درجة التخلف الذي مني به الإقليم منذ الإستقلال و تناسباً مع الثقل السكاني لأهل الإقليم من الثقل السكاني القومي ، فضلاً عن تخصيص جزء من ميزانية الدولة لتعويض المتضررين عما لحق بهم جراء إستفحال الأوضاع وتأزمها في دارفور ، وتخصيص جزء من ميزانية الدولة لإعادة تعمير ما دمرته الحرب من خدمات ، وشملت تلك المطالب أيضاً الإبقاء على قوات ( حاملي السلاح ) طيلة أمد الفترة الإنتقالية لمراقبة تطبيق الإتفاق الذي يؤمل أن يوقع ، وحوت أيضاً مقترحات عدة لتقاسم الثروة والمنتجات وعائداتها بين الإقليم وبقية الأقاليم والمركز ( السلطة الإتحادية ) . أما الجانب الآخر في التفاوض بأبوجا ( الحكومة ) أيضاً قدمت ما يليها من رؤى لحل ( قضية دارفور ) متمثلة في الورق الذي قدمه وفدها المفاوض ، وما يعاب في ذلك هو عدم تخصيص ( الحكومة ) لنسب معينة ومعايير محددة لمشاركة أهل إقليم دارفور ، سواءً كان في السلطة الإقليمية أو السلطة الإتحادية أو التشريعية القومية ، بل جاءت رؤى الحكومة ( حديث نظري ) فقط مما وضع كثيراً من علامات الإستفهامات في نوايا الحكومة حيال قضية دارفور . وهذه النظرتان المتباعدتان ـ لحد ما ـ بين ( الحكومة ) و( حاملي السلاح ) ، كان من الطبيعي ومن الضرورة بمكان أن تحتم على الإتحاد الإفريقي ( وسيط وراعي التفاوض ) أن يضطلع بدور متعاظم بغية تقريب وجهات النظر بين الفرقاء وصولاً إلى صياغ توافقي يرضي الطرفين ومن ثم يعجل بتوقيع الإتفاق الذي يفضي إلى سلام ومن ثم إلى تدارك الأوضاع الإنسانية المهولة والمأزومة في إقليم دارفور . من هذه المنطلقات جاءت ( وثيقة ) سلام دارفور ، المقدمة من ( الإتحاد الإفريقي ) لطرفي التفاوض بغية التوقيع عليها لطي ملف التفاوض الذي ظل لخمس أشهر يبارح مكانه ولطالما هنالك ( هوة ) مستعصية جعلت من التوصل إلى سلام أمنية بعيدة المنال أو نسيج من وحي الخيال والعيش في أضغاث الأحلام من كلا الجانبين ، لذلك شملت ( وثيقة الإتحاد الإفريقي ) على إعطاء أهل دارفور منصب مساعد لرئيس الجمهورية مع إعتباره الرجل الرابع في الدولة يلي الرئيس ونائبيه ، وكذلك إعطاء أهل دارفور من حملة السلاح منصب وال واحد من ولاة دارفور الثلاث ، وإعطاء أهل دارفور ثلاث وزراء في السلطة الإتحادية ومثلهم وزراءً بالدولة ، وإعطاء منصب وزيراً ولائياً واحداً بالعاصمة ( الخرطوم ) لأهل دارفور ، وإثنا عشرة مقعداً لأهل دارفور في المجلسين التشريعيين القوميين ، ودمج قوات حملة السلاح من أهل دارفور في القوات المسلحة الحكومية ومثلهم مليشيات الجنجويد والمليشيات الأخرى ، أما فيما يختص بالثروة فجاءت أيضاً ورقة الإتحاد الإفريقي مخيبة للآمال وتجاهلت النسب المئوية أو الغوص في أغوار تفاصيلها التي كانت من الضرورة بمكان لتفادي الأخطاء التي حدثت من ذي قبل في إتفاقية نيفاشا . وقبل أن أدلف لإجراء مقارنة بين ما طرح من طرفي التفاوض وما قدم من الإتحاد الإفريقي وطموح أهل دارفور وإعلان المبادئ الموقع في أبوجا بتاريخ 5 يوليو 2005م بين الحكومة وحاملي السلاح من أهل دارفور ، لابد لي من أن أنبري ولو قليلاً لإستذكار مكونات قضية دارفور وليس إستعراضها أو الإسهاب فيها أو الإستطراد ، ولعل الجميع يدري أن بدارفور ( قضية ـ كارثة ـ فجيعة ـ أزمة ـ مشكلة ) ، تتفرع سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وأمنياً وتنموياً وثقافياً ، ولكن تختلف المناظير التي تنظر من خلالها أبعاد دارفور ، فمن الناس من ينظر إليها من منطلق ( قبلية ) وآخر ينظر لها من منطلق ( جهوية ) وثالث ينظر لها بإعتبارها ( سياسية قومية ) وآخر ينظر لها دون هذا وذلك . ولعل المنظار الحقيقي لنظرة ( قضية دارفور ) هو المنظار ( السياسي القومي ) بإعتبارها قضية سياسية وقومية ، وهذا ما ظللنا نؤكده على الدوام منذ إنطلاقة الشرارة الأولي في دارفور مطلع العام 2003م ، وكنا ننبه ( الحكومة ) وقتذاك من مغبة إستخدامها للخيار العسكري لحسم القضية وعدم إستبانتها لنصحنا إلا بعد ضحى الغد ـ وهذا ما قد كان ـ بدءً رفضت الإنصات لصوت العقل والإصغاء لمطالب أهل دارفور الي كانت في تلك الأثناء لا تتعدى التنمية والخدمات الأساسية وضروريات الحياة ، وآخيراً إستجابة غصباً للجلوس في تفاوض والإستماع إلى المطالب التي إزدادت سقوفاً تفاوضية مع مرور الزمن ولربما تصل إلى المطالبة برئاسة الجمهورية إذا فشلت أو إنهارت الجولة الحالية للتفاوض في أبوجا . كما أسلفت لطالما أن قضية دارفور سياسية فكان من الطبيعي بمكان أن تحل في إطار تفاوضي وهو الماثل أمامنا الآن في أبوجا تحت رعاية الإتحاد الإفريقي وتشريف الإتحاد الأوربي والأمم المتحدة بمنظماتها المتعددة وواجهاتها المنبثقة وأسمائها المتعددة فضلاً عن وجود الدول العظمي ذات النفوذ العالمي والإهتمام بالشأن السوداني مثل بريطانيا وأمريكا اللتان دفعتا في الأيام الأخيرة الماضية بكبار مسؤليهما في وزارات خارجية البلدين لأبوجا في إطار ممارسة المزيد من الضغوطات على أطراف التفاوض بغية تقديم التنازلات المطلوبة للتوصل إلى سلام . فمنذ إلتئام مفاوضات أبوجا وحتى اللحظة لا زالت تبارح مكانها ، رغم الضغوطات التي تمارس من الإتحاد الإفريقي راعي التفاوض وشركاء التفاوض المتواجدون حيث أبوجا مكان المفاوضات ، وما برح وفتئ الإتحاد الإفريقي في أن يقدم رؤى توفيقية لتضميد وتجسير هوة الإختلافات وتقديم التنازلات اللازمة لإختراق جمود التفاوض ، ومع ذلك لم يستطيع الإتحاد الإفريقي أن يقدم قيد أنمل من تقدم ـ ولو طفيف ـ في كافة ملفات التفاوض ( السلطة ، الثروة ، الترتيبات الأمنية ) . وفي خضم ذلك إستعرضت وتناولت في مبتدأ المقال ، الوثيقة التي قدمها الإتحاد الإفريقي ، والتي جاءت على النقيض من إعلان المبادئ الذي ينص في كثير من فقراته على إعتماد معايير الكثافة السكانية للمشاركة في المؤسسات التنفيذية والتشريعية القومية منها والإقليمية ، كما أن ورقة الإتحاد الإفريقي جاءت متجاهلة لكثير من المطالب التي تقدم بها ( حاملي السلاح ) بما يعد مؤشر سالب تجاه إجماع أهل دارفور الذين أجمعوا وثمنوا وأمنوا المطالب التي قدمت من حاملي السلاح بإعتبار أنها ليس مطلب حماة السلاح فقط ولكنها مطلب شعب ، وهذا يستقرأ من ميثاق فعاليات دارفور الذي وقعت عليها جميع الشرائح المكونة لمجتمع دارفور من ( طلاب ـ شباب ـ مرأة ـ إدارات اهلية ـ محامين ـ إعلاميين ـ صحفيين ـ نازحين ـ حملة سلاح ) بتاريخ 1و2مايو الجري في أبوجا والخرطوم . أما الإتحاد الإفريقي من جانبه منح طرفي التفاوض ( الحكومة والحركات المسلحة ) مهلة ( 48 ) ثماني وأربعين ساعة فقط للتوقيع على الوثيقة أو الرفض ، ومضت الـ ( 48 ) ساعة دونما تقدم ، فإستأنف الإتحاد الإفريقي ومنحهم ( 24 ) ساعة جديدة وكذلك لا جديد ثم تلتها ( 24 ) ساعة أخرى ولا جديد ، بيد أن ما نما إلى مسمعنا يقول أن الحكومة إلتزمت أنها ستوقع على الوثيقة المقدمة من الإتحاد الإفريقي لوحدها حتى لو لم يوقع عليها حاملوا السلاح ، ولا أظنها تفعل ، لأن الإتفاق والوفاق يتأتى بتراضي وقبول من كافة الأطراف ، ثم أضاف آخيراً وليس آخراً الإتحاد الإفريقي ( 24 ) ساعة جديدة ويستمر المسلسل في نفس المنحى وذات المنوال لطاما إتخذ كل من طرفي التفاوض موقفه حيال الوثيقة . فالحركات المسلحة أعلنوا عن رفضهم القاطع والنهائي للوثيقة جملةً وتفصيلاً ولو أدى ذلك لرجوعهم للمربع الأول ( حيث الحرب ) وبرهنوا ذلك بتخطي الوثيقة لكافة الخطوط الحمراء التي لا يمكنهم تجاوزها وتقاضي الوثيقة عن مطالبهم الأساسية في التفاوض ، بل ذهبوا لأكثر من ذلك ووصفوا الإتحاد الإفريقي بالتواطؤ مع الحكومة وطالبوا الأمم المتحدة بتنهيته من ولاية رعاية المفاوضات أو القيام بدور الوسيط للتفاوض ، وإوكال تلك المهام لمجلس الأمن الدولي . والحكومة من جانبها تكاد تطير فرحاً لأن رياح الإتحاد الإفريقي جاءت بما تشتهي سفنها ، لذلك وجدت الحكومة نفسها في موقع لا تحسد عليه ، وتفاءلت كثيراً ( كما يقول عرابوها ) بتحقيق السلام في غضون أيام ، ولعل السؤال الذي يتبادر إلى الذهن على عجالة لماذا أمنت الحكومة على وثيقة الإتحاد الإفريقي حتى قبل أن تطبع بالعربية وعقب ثلاث ساعات فقط منذ توزيعها ؟؟ وهل هنالك أمراً ما لربما وقع بين الإتحاد الإفريقي والحكومة ؟؟ ودى إرتباط ذلك بالإتهامات التي وجهها حاملوا السلاح للإتحاد الإفريقي بشأن تواطؤه مع موقف الحكومة؟؟ . أما المجتمع الدولي الذي ظل ولا يزال يدفع برخاء لإستضافة المتفاوضين وترحيلهم من وإلى أبوجا ، من جانبه لا يزال يمارس الضغط المستميت حتى النخاع بغية إسدال ستار التفاوض بأي ثمن ، لأنه يئس من تطاول أمد الجولات دون تحقيق ـ ولو الحد الأدنى ـ من الهدف المنشود والحلم المرجو ( السلام ) ، لذلك ، كل من تمحص وتفحص معطيات ودلالات الواقع تشير إلى تفاؤل مرتبط بالإحباط وإحباط مربوط ببصيص تفاؤل ، لأن إستقراء الواقع ينأى بنفسه لصعوبة إسدال ستار التفاوض في أبوجا دون تعديل وثيقة الإتحاد الإفريقي ـ ولو جزئياً ـ لكيما تشمل الحد الأدنى من مطالب أهل دارفور التي يعبر عنها حاملوا السلاح . هذه المعادلة الصعبة بالضرورة وضعت ( الإتحاد الإفريقي ) وقادته في موقف حرج في ظل ظروف دقيقة وحساسة من عمر وسفر قضية دارفور ، إما أن يعلن الإتحاد الإفريقي فشل وإنهيار المفاوضات وينفض يديه ويسلم الملف والمهم للأمم المتحدة ويصبح متابعاً فحسب ، أو ان يواصل رعاية المفاوضات وقيامه بإعباء وساطة التفاوض بين الأطراف ومحاولة إنتزاع التنازلات من كلا الطرفين وصولاً للإتفاق الذي يرضي الجميع ويفضي إلى السلام المرتقب ، وكلا الخيارين أيضاً من الصعوبة بمكان على الإتحاد الإفريقي أن يقوم بإحداهما ، لأن الأول يدل على فشل الأفارقة في إحتواء وتدارك إشكالياتهم داخل القارة وكذلك فشلهم في الإضطلاع بدور لإصلاح ذات بينهم أو رأب الصدع الإفريقي إن وجد ، والخيار الآخر يحتاج إلى عزيمة وتصميم أكثر من ذي قبل مما يسهم في خلق وفاق وتوافق يفضي إلى سلام . سيتواصل المقال