الاثنين، فبراير ٢٠، ٢٠٠٦

مؤسسة الجلابة الإستعمارية الداخلية من جديد وورقة عبدالرحيم حمدي

مؤسسة الجلابة الإستعمارية الداخلية من جديد وورقة عبدالرحيم حمدي


أولاً أعتقد أن ثمة كلمات تعتريني ولاأدري أبدأ بأي منهما ، لريثما إنتهي من التعقيب سأبدأ بمحور تلو الآخر ، يتضح بجلاء للقاصي والداني أن الحزب الحاكم أو سميه الحكومة أو كما شئت ، تريد أن تتمادى في ذات السياسات وذات النهج المنتظم منذ 1956 أي منذ أول حكومة ، نهج التهميش والظلم والإقصاء ، هذه الورقة نوقشت في مؤتمر الحزب الحاكم وأجيزت والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هل السودان هو سنار دنقلا كردفان كما موضح أعلاه ؟ أم أن الولايات الأخرى لا تستحق أن يكون فيها إستثمارات؟ ثانياً قيل في الورقة سيتم توجيه بعض الإستثمارات إلى مناطق دارفور والشرق والجنوب إذا توفر الأمن ، يا ترى أين هذه الإستثمارات قبل الإنفلات الأمني المزعوم ؟ ولماذا جزء ؟ وهل الشرق الآن ليس مستقر سياسياً وكيف يتأتى هذا الإستقرار وهنا ظلم وإضطهاد وتهميش وإقصاء جديد
يقول المثل : أن حجرا يرمي به مجنون يرهق مائة عاقل وورقة حمدي الاخيرة في مؤتمر الحزب الحاكم للفعاليات الاقتصادية لا يجعلها تخرج من أبعاد هذا المثل.. فاقل ما توصف به هو الجنون لانها اتت في وقت والسودان موضوع علي برميل من البارود ليؤكد حمدي بالدليل القاطع أن هناك مشروعا للدولية الشماليةيعمل علي اقصاء اهل دارفور والشرق ، ولو دخل شخص الغابة الان متمردا وهو يحمل في ابطه ورقة حمدي كدليل علي العنصرية والتهميش لوقف معه الجميع ولزغردت له النساء، فهذه الورقة تفوح منها رائحة العنصرية البغيضة ،فلأول مرة في تاريخ السودان يتم التخلي عن مسؤولية الدولة لتحل محلها عقلية الحزب ، وأن التكليف هو تكليف للحزب وليس للدولة وهذا هو ما قاله الخلف الامين لدولة التركية العثمانية في ورقته ، وحتي الخدمات ربطت بالكسب الانتخابي والا البديل هو التخلف وعدم النماء وعبد الرحيم حمدي يذكرني بالحوار الذي جري بين عصفورتين وشخص الريح عندما عرضت الاخيرة علي العصافير الهجرة الي اليمن لتنعم بحدائق ذي يزن ، ولكن العصفورتين رفضتا العرض السخي بصورة فيها الكثير من البلاغة والرد الشافي يا ريح أنتي ابن السبيل ولا تعرفين ما معني الوطن وعبد الرحيم حمدي هو ايضا ابن السبيل ولا يعرف شيئا عن الوطن ..هذا الوطن الذي انجب الازهري والمحجوب .. ودافع عنه الخليفة عبد الله والسلطان علي دينار حتي الموت .. هذا الوطن الذي أنجب علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ والشيخ ابو جنزير .. اسالوا حمدي هل مات جده في معركة كرري .. أو حارب في معركة شيكان .. هل دخل السجن مثل عثمان دقنة ويموت وهو في الاسر مفضلا عدم النكوص عن المبادئ الوطنية.. ,اجزم في تلك الفترة من نضال الشعب السوداني أن أهل حمدي كانوا جباة للضرائب او سعاة للبريد في داخل الدولة التركية ، وعبد الرحيم حمدي لا يهمه هذا الوطن وان تمزق الي اشلاء صغيرة ووزعت بقاياه علي جبال الاماتونج والبحر الاحمر والانقسنا وجبل مرة وجبل الهضليم .. لا يهمه كل ذلك ولكن يهمه أن ياتي الخراج في ميعاده ليغذي خزينة الانقاذ ، ولتبقي الانقاذ في السلطة وحتي وان بقي من جسدالسودان الكبير حائط صغير يقي حمدي شر حر الهجيرة ، اصبح حكم الانقاذ غاية وليس هدفا المراد منه تحويل السودان الي جنة في الارض أو سلة لغذاء العالم عندما ندرس نشأنا الصغار دروس الجغرافيا حاولت أن ادرس الجذور التاريخية لعبد الرحيم حمدي ولكنني عجزت عن تتبع اثاره ، والشواهد تقول بأنه من منطقة (ارقو/أرقي ) باقليم دنقلا حيث ينتمي الرجل وفقا لمصادري الي ما يعرف بنوبة شمال الوادي أو ما نطلق عليهم في امدرمان اسم ( النقادة ) ، وحاولت ان انساق وراء هذه النظرية ولكنني تفاجات بمن يقول ان جذور عبد الرحيم حمدي تعود الي بقايا التركية ورمق الخديوية المصرية ، ولا اخال ان النظريتين صحيحتين لانني اكاد أجزم بأن السيد حمدي له عرق من اليهود ، والدليل علي ذلك شغفه بعمل البورصات والاوراق المالية وسعيه الدؤوب لجعل الاقتصاد السوداني هو اقتصاد الحزب او الجماعة ، واستخدام الثروات القومية من أجل بقاء الحزب في الحكم ، فورقة حمدي الاخيرة لا تختلف عن بروتكولات بني صهيون والتي تدعو الي استخدام الدين والعرق كأدوات للتميز وكسب الحقوق .. فالكل يجب أن يكدح ويعمل من أجل بقاء حزب المؤتمر الوطني في الحكم وهناك صلات نسب وعلاقات مصاهرة غامضة تربط كل من الغازي العتباني وعبد الرحيم حمدي واسماعيل العتباني وحسن مكي ، وربما يقول قائل ما علاقة حسن مكي بهذا الخليط من ( اليانكيز ) المكون من عصابات (KKK)والتي عرفت بعدائها للسود بعد نهاية الحرب الاهلية في امريكا، ولكن العجب في نشوء هذه العلاقة يقل اذا عرفنا ان اليهود انفسهم يتكونون من خليط غير متجانس من القوميات المختلفة ، فيوجد يهود السفارديم والاشكناز والعرب وهناك يهود الفلاشا القادمين من أواسط افريقيا ، صحيح أن الالوان عرقيا غير متجاذبة ولكن الاهداف استطاعت ان توحد هذا الخليط وتجعله شعبا يحمل علي عاتقه تنفيذ تعاليم التوراة واحياء الدولة اليهودية علي حساب عرب فلسطين اول مهمة قام بها حمدي هي تولي وزارة الاقتصاد الوطني في بداية عهد الانقاذ، فقد عمل جاهدا علي التخلص من القطاع العام وتحويله الي شركات خاصة يهيمن عليها رجال الاعمال من أعضاء حزب الجبهة الاسلامية ، وحمدي لا يعتبر ضليعا في علم الاقتصاد بقدر ما تعني هذه الكلمة من ابعاد ولكنه رجل سياسة تجده أحيانا يستخدم الحجج الدينية من أجل الرد علي خصومها الذين كانوا ينتقدون سياساته الاقتصادية فعندما اعلن عن سياسة تغيير العملة في عام 91 رد علي منتقديه بأن الله امره بذلك في قوله تعالي (( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم )) الامر الذي اغضب كل من بروفيسور محمد هاشم عوض واخيه المرحوم احمد صفي عوض في ندوة شهيرة عقدت بكلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم ، واذكر وقتها أن الاخوان المسلمون رفضوا حجتهالباطلة وطلبوا منه الاعتذار لجميع المسلمين لأنه وصفهم بالسفهاء ..فالاية الكريمة تشير الي الشخص الذي يتصرف بسوء في مال المسلمين ولكن عبد الرحيم وهو يحاول الهروب رمي كل مسلمي السودان في سلة السفهاء سئل مرة لماذا أنعدم السكر في السوق وغلا سعره ؟؟ ..فرد علي منتقديه ساخرا .. لان فرق السعر ذهب الي تحرير كبويتا والليري وكاجي كاجي والكرمك وتوريت وبدأ يعدد في اسماء مدن الجنوب وفق قائمة ساحات الفداء سئل مرة لماذا قامت السياسةالمالية للدولة علي الضرائب .. فرد بعذر اقبح من الذنب واستشهد بقول ماثور قاله ابو بكر الصديق ولكن الفقيه حمدي نسبه الي عمر بن الخطاب : والله لو منعوني عقال بعير لقاتلتهم عليه هذه الاخطاء والحجج مصدرهامجلة الملتقي وقد رصدها في ذلك الوقت الاستاذ عبد الوهاب بوب المحامي في الصفحة الاخيرة هذا هو العلامة عبد الرحيم حمدي في سطور .. وتركه يتربع علي وزارة الاقتصاد اشبه بالطلب من طالب السنة الاولي بكلية الطب أن يقوم بعملية جراحيةحساسة في المخ .. فعبث حمدي بالاقتصاد السوداني وحول مجتمعنا الي مجتمع بائس وفقير .. وحتي هذه النهاية لا يريدها لنا حمدي لأن جيبه لا زال مملوءا بالسياسات السيئة ..فعاد من جديد للتبشير بسياسة المحاور ليمزق السودان الي دويلات اسلامية ومسيحية تسود فيها عقلية العصور الوسطي ..أنها دعوة مؤسسية للعودة الي نظام الاقطاع
فينقسم المجتمع الي سادة وعبيد
يريد مجانية التعليم والصحة لمحور المناطق الثلاثة فقط ، في حين أنه عالمياً تكفل هذه الحقوق الأساسية للجميع بغض النظر عن الجنس أو الدين أو اللغة ، ولكنها عقلية النظام يريد التمييز بين مكونات الوطن الواحد يريد تركيز الخدمات على هذه المناطق دون غيرها ، ويريد مكافحة الفقر في هذه المدن فقط ، في حين أن شرق السودان ودارفور بها أناس يموتون جوعاً ، ياترى أين موقف القوى السياسية الوطنية والوطنيين الأخيار على هذا الوطن من هذا الهرج والمرج ؟
إنها ذات العقلية ألم أقل لكم ؟ يريد سوداناً عربياً إسلامياً ، السؤال أين بقية الأجناس والأعراق والأديان وكريم المعتقدات من غير العرب والمسلمين ؟ ويريد أن يفصل الجنوب ودارفور والشرق ، ويؤكد سهولة التحالف ما بين مكونات الشمال الجغرافي وأكد على علاقتهم بالإستعمار التركي الإنجليزي ، يا ترى هل هذا هو رأي المؤتمر الوطني ؟ وبالتأكيد نعم لأن هذه الورقة أجيزت ما هو رأي الإخوة من أبناء ذات الأقاليم المعنية

الوحــــــدة الوطنية بين الإختيــــار والإجبــــــــــار

الوحدة الوطنية بين االإختيــــــــــار والإجبــــــــــــــــار
لا شك أن السودان من أكبر الدول في العالم من حيث المساحة ، ويمتاز بتنوع مكوناته الإجتماعية والثقاتفية ، ويتمتع بثروات معدنية وصناعية وزراعية هائلة ، غير أن السودان يعتبر لمة أقاليم دونما أي ميثاق يجمع بينهما أو تعاقد على أسس ومعايير محددة ومعينة ونظام واضح لإدارة دولاب الحكم في السودان ، هذه اللمة جعلت السودان دولة متصارعة بين مكوناتها مع بعضها البعض ، فقامت جدلية الصراع بين الهامش والمركز ، وحمل أبناء الأقاليم السلاح لأسباب نعلمها جميعاً وفي غنى عن التوصيف منها رفع الظلم والإقصاء والتهميش والإستئثار وتحقيق المساواة ، فلا غرو ولا عجب أن يحمل أبناء الإقليم الجنوبي السلاح ومن ثم أبناء الشرق وآخيراً وليس آخراً حمل أبناء دارفور السلاح لذات الأسباب ولا تزال المسلسلات تترى في ذاك المنحى ، ولعل السودان معروف تاريخياً بأنه يحمل في طياته ستة أقاليم هي الجنوبي والشمالي والشرق وكردفان ودارفور والوسط أضف إلى تلك الأقاليم إقليم الخرطوم ، وجميع هذه الأقاليم تختلف من حيث مكوناتها الأساسية سواء كانت الثقافات المتعددة أو اللغات المتباينة أو الأعراق المتنوعة وفي بعض الأحايين الأديان ، ومع هذا كله توجد بعض القواسم المشتركة التي تجمع بين إقليم وآخر متمثلة في اللغة الرئيسة لأغلب السكان - هذه جميعها جعلت السودان دولة محط أنظار الجميع

وظل السودان طوال تاريخه الممتد منذ إستقلاله وحتى اليوم بهذه الشاكلة ، وصاحبت هذه المعطيات متغيرات جديدة على الصعيدين المحلي والإقليمي ، لإعتبارات منها أن السودان منذ إستقلاله وحتى اللحظة مترامي الأطراف ، محكوم طوال تاريخه بحكومات عسكرية لأربعة عقود والعقد الآخر بحكومات حزبية متقطعة لم تكمل مرحلتها الجنينية الأولية لتنتج مولود معافى ، مع هذا كله ظلت المؤامرات تحاك ضد السودان من قوى البطش والإفستكبار العالمية بغية تفتيته في وحدة شعبه وأرضه وهذا الإتجاه ظلت تدعمه وتسانده الأنظمة الحاكمة بطريقة مباشرة وغيرها

ولك ان تتأمل لماذا يطالب أبناء جنوب السودان الان بتقرير مصيرهم ولربما دارفور والشرق أيضاً ؟؟ لعل الأسباب الماثلة الآن تكمن في الظلم المتعمد والإقصاء الممارس والتهميش المنظم ضد هذه الأقاليم النائية من المركز وقبضة المركز لمفاصل الأمور وسدة الحكم في السودان ، ولك سؤال آخر أن تطرحه وتجيب عليه بنفسك هل الوحدة في السودان أي وحدة الأقاليم الستة في دولة واحدة جاءت بطواعية كاملة وإرادة حقيقة من شعوب تلك الأقاليم أم أنها جاءت قسرية ؟؟ وإذا جاءت قسرية من هو الذي جاء بها وأجبر تلك الشعوب على الوحدة ؟؟ ولماذا ؟ . أعتقد أنها جاءت قسرية وجاء بها المستعمر الأجنبي ولعل مبرره في ذالك لتوسيع دائرة نفوذه وفرض سيطرته في المنطقة مع الأخذ في الإعتبار تقليل إعباء الإدارات المتجزئة وقتذاك ، ياترى ما هو دور القوى الوطنية بعد أن تقلدت سدة الحكم بعد المستعمر الأجنبي ؟ هل تجعل من الوحدة القسرية وحدة طوعية بدون إكراه مع إعطاء أبناء تلك الأقاليم حق التمتع بالحكم الذاتي ؟ أم كان دور القوى الوطنية سالب تجاه تلك المفاهيم ؟

ومما لا شك فيه أن المؤشرات تؤكد وتدل على ان القوى السياسية إضطلعت بدور سالب تجاه تلك الرؤى المتبلورة في أذهان أولئك المهمشين ، بيد أن هنالك ثمة أشياء كانت إذا قامت بها القوى الوطنية تدعم الوحدة الطوعية لكنها لم تفعل لأسباب واهية لا يقتنع بها من يسوق لها نفسه في حد ذاته

وإنى لأرى وميض نار بدأ يستشري لطالما أن السودان لا يزال على هيأته الأولى التي لم تعد وما فتئت إلا وأن تزيد النار حطباً على حطب ، فالوحدة هي حق مطلق وخيار للشعب بإرادته الحرة دونما المؤثرات الدينماكيرية والخارجية ، ولعل المبادئ الأساسية للوحدة تكمن في العدل والمساواة والعدالة الإجتماعية والحرية ، وليست مبادئ الظلم والتفرقة والإضطهاد والتمايز ، فمشكلات الوحدة الطوعية في أنها يجب أن تنطلق من عمق الشعب وبإختياره دون الوصايا عليه ، أما الوحدة في السودان فأنها جاءت قسرية وإجبارية وليست طوعية وإختيارية

فنحن نتطلع إلى سودان موحد ، نعم موحد أرض وشعب - بإرادو وعزيمة أبناءه وليست بالوصايا والإفتراض ، نريد أن يقام ميزان العدل بدل الظلم والمساواة بدل التفرقة والعدالة الإجتماعية بدل التمييز والوحدة بدلاً عن التجزئة ونريد الإنفتاح بدل الإنغلاق والحرية بدل الكبت والديمقراطية بدل الشمولية ونريد التحول من دولة الفرد إلى الجماعة ومن دولة الحزب الى دولة التعددية ومن تقوقع القبيلة إلى رحاب الوطن ومن الضيق إلى السعة

هذه التطلعات ليست معبرة عن رأي فحسب أعتقد أنها تعبرعن السواد الأعظم من الشعب السوداني ، جميعهم يأملون ويتشوقون إلى وطن تسوده قيم الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية ، ويتطلعون إلى وحدة حقيقة واقعية ليست خيالية ووهمية ، وحدة تتأتى بعزيمتهم وإرادتهم وقناعتهم ، وليست وحدة هشة تتقلب حيثما تتماشى او كيفما يتراعى مع مصالح الإنطواعيين الإنسابلتين ، يريد الشعب السوداني دولة يسودها القانون ويعلوها الدستور والجميع أمامه متساوون دونما تمييز أو تفريق على أساس جهة أو جغرافية أو لغة أو دين أو ثقافة

هذه التطلعات لم ولن تتحقق ولن تتأتى إلا بعد التعاقد على أسس جديدة للوحدة الطوعية الإختيارية يقوم على هذا العقد الدستور الذي يتحاكم به وإليه الشعب ، ولن تكون الوحدة ذات جدوى إلا بعد التواثق على عقد إجتماعي جديد يضمن للجميع حقوقهم ويوضح واجباتهم يقوم هذا العقد على أن المواطنة أساساً أوحداً ومعياراً أوحداً لأخذ الحقوق وأداء الواجبات في الدولة ، وهذا التواثق من شأنه أن يفتح آفاق أرحب وآمال جديدة لصفحات مضيئة في سسماء تاريخ السودان الحديث

فالقارئ الجيد لمجريات وحيثيات السودان منذ إستقلاله وحتى اللحظة يجد أن الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في السودان إثرها لها الباع الأكبر في الإستغلال السيئ للموارد والثروات المنتجة في الأقاليم النائية التي لا حول لها ولا قوة ، مقارنة مع قوى المركز فلذلك تنبه وأيقن أبناء تلك الأقاليم ضرورة الإستفادة من خيرات ومنتجات أقاليمهم دون الوصايا عليهم ودون الرعاية من المركز المتأدلج على رؤى آحادية الجانب ، فغالباً ما ترى أن أبناء تلك الأقاليم تبرز منهم أصوات من حين لآخر مطالبة بحق تقرير المصير ، وأعتقد أن هنالك معهم الحق لطالما أن عائدات الثروات المنتجة في الأقاليم جميعها تصب في خزينة المركز القابض ولا يستفيد منها الإقليم المنتج في شئ ولا تعود له في شكل خدمات صحة أو تعليم او تنمية

من هذه المؤشرات علاما يبدو لي أننا بحاجة إلى عقد مؤتمر قومي لشعوب هذه الأقاليم - هذا المؤتمر يؤسس لوحدة جديدة تقوم على الإعتراف بالآخر كماً ونوعاً ، يخرج هذا المؤتمر برؤى واضحة الملامح لإنصاف الأقاليم المنتجة وتتضمن توصيات هذا المؤتمر الأسس الجديدةة والمقومات الجديدة للوحدة الوطنية الإختيارية والطواعية وهذا المؤتمر يضع اللبنات الجديدة لإدارة دولاب الحكم وتوزيع وتقسيم السلطة والثروة بين جميع الأقاليم على كافة الأصعدة والمستويات حتى لا تخلق هوة جديدة ما بين المواطن والدولة والثروات المنتجة في الأقاليم يجب ان تخضع من بعد ذلك لمعايير محددة من شأنها أن تدعم التنمية بالإقليم المنتج ، ولن يتأتى هذا أيضاً إلا من خلال المؤتمر الجامع لبنو تلك الأقاليم ، من هذه التجليات أعتقد على أنه لا فرار من المؤتمر بأي شكل كان ، وأرى ليس بالضرورة مشاركة القوى السياسية والأحزاب في هذا المؤتمر بقدر ما أنني أركز على القوى السياسية الإقليمية سواء كانت حاملة للسلاح أو غيره ، لأن القوى السياسية الان لم تعد معبرة عن الأقاليم في شئ ولا عن ىمالهم أو أشواقهم وتطلعاتهم غاب الرجاء فيها من قبل الجماهير للأكاذيب التي خضعتهم بها سابقاً

فمما سبق أقول أن أن سياسات التسويف والتسويق والإحتواء التي كانت تمارس أضحت لا مكان لها اليوم ، ويجب على المركز المستأثر والمحتكر أن يقدم التنازلات إذا أردنا وحدة وطنية حقة ويجب أن تنزل القيم الإنسانية على أرض الواقع أولاً لإرساء دعائم الحرية والعدل والديمقرطية والمساواة للتأكيد على ضرورة إشراك أبناء تلك الأقاليم في جميع المستويات الوظيفية على المستوى الإتحادي وإعطائهم الحق في إدارة أمور أقاليمهم وفق فيدرالية واسعة ، أما بالنسبة للمفارقات ما بين الواقع والمأمول والماضي فأرى على القوى السياسية الوطنية القومية أو الإقليمية الإضطلاع بالدور الطليعي الرسالي في إرساء الوحدة والتعايش والتسامح ويتوجب عليها أيضاً الحرص على التسويق لمفاهيم الوحدة على أسس جديدة وتشجيع شعوب الأقاليم على ضرورة الإستفادة من التنوع والتعدد والتصاهر الموجود في مجتمعاتنا ومكوناتنا الإجتماعية والثقافية من أجل خلق أرضية مشتركة من شأنها أن تجعل خيار الوحدة جاذباً بمعنى الكلمة وبأبعادها الرئسة سواء كانت وحدة الأرض او وحدة الشعب

السبت، فبراير ١٨، ٢٠٠٦

الوفد المفاوض للحكومة في أبوجا واللا إرادة واللا تفويض


الوفد المفاوض للحكومة في أبوجا واللا إرادة واللا تفويض


لا شك أن أبوجا لا تزال تراوح مكانها بسبب تعنت وفد الحكومة المفاوض في أبوج وتهربه من دفع إستحقاقات التسوية السياسية السلمية لأزمة إقليم دارفور المستفحلة آنياً ، ولعل هذا التهرب الذي هو ديدن وفد الحكومة له ما بعده من تكهنات ولنا أن نتساءل - هل يملك المؤتمر الوطني وحكومته الإرادة السياسية الحقيقية للتوصل إلى إتفاق من شأنه يفضي إلى تدارك الأوضاع الملتهبة في إقليم دارفور ؟ وهل فوضت الحكومة وفدها المفاوض في أبوجا تفويضاً مطلقاً وكاملاً لإنجاز التسوية السياسية من خلال التفاوض مع ( الثوار ) ؟
وتعتبر هذه الأسئلة مشروعة والإجابة عليها في غاية من ذلك لطالما ظللنا نراقب ونتابع عن كثب وعن قرب سير المفاوضات في أبوجا ومجرياتها التي تمر سراعاً ، فضلاً عن إهتماماتنا لما تؤول إليه المفاوضات جراء وعقب المماحكات والمراوغات والمماطلات والتسويفات التي ظلت تلازم وفد الحكومة المفاوض في أبوجا
وتكمن الإجابة على تلك الأسئلة في التمعن والتبصر والتفحص في الأزمات التي لم تبرح وفد الحكومة لحظة واحدة ، وهي أزمة الإرادة وأزمة التفويض - فالإرادة الحقيقية للتوصل لإتفاق بغية تحقيق السلام ، هي تقديم التنازلات أو بالأحرى دفع الإستحقاقات الملازمة لتحقيق الإتفاق ، وهذه الإستحاقات بالضرورة ينظر إليها من خلال البعد التأريخي للأزمة المراد تداركها ، فهل معنت الحكومة النظر صوب المظالم التأريخية لإنسان دارفور ؟ والإرادة هي إخلاص النوايا والعزيمة على تحقيق الهدف الذي من أجله بنيت المفاوضات ، فهل وفد الحكومة المفاوض في أبوجا عازم على التوصل إلى إتفاق بأسرع ما تعجل ؟ كما ولعل الإرادة هي الإرادة الحقيقية وليست المزيفة أو المدعاة أو التمظهر بعكس ما يبطن ، فهل ذهاب الوفد الحكومي إلى أبوجا هو للوصول إلى إتفاق ؟ أم ليس أنه سوى تمارين في العلاقات العامة ؟
أما التفويض فهو إتاحة قدر عالي من الثقة في إتخاذ المواقف التي تقتضيها الضرورة دونما الرجوع إلى مفوضيهم في كل خطوة إثر خطوة ، فهل الوفد المفاوض للحكومة في أبوجا يمتلك مثل هذا التفويض لإختراق الجمود والركود وإحراز التقدم نحو الوصول إلى إتفاق يفضي إلى سلام ومن ثم بدوره إلى تدارك أوضاع النازحين ؟ وهل وفد الحكومة المفاوض في أبوجا هو من ضمن أصحاب القرار في الحكومة بإتخاذ أية خطوات وأية مواقف بغض النظر عن الرجوع إلى المؤسسات الحكومية لتضييع الوقت هباءًا منثوراً ؟ والتفويض هو إمكانية التوصل إلى أية صيغة توافقية بغية تحقيق الهدف دونما معايرة أدنى ثمة إهتمام لمرتكزات أو برامج الحزب أو المصالح الشخصية أو المنافع الذاتية ، فهل وفد الحكومة المفاوض في أبوجا يستطيع أن يبلور هذا التفويض من خلال عمل ملموس بأبوجا تنبثق منه إتفاقية تفضي بدورها إلى سلام ؟ وهل يحمل وفد الحكومة المفاوض في أبوجا التفويض الكامل والتام غير المنقوص واللا مشروط لتحقيق الإتفاق ؟ أم أنه لا يحمل سوى التحدث إلى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة والإدعاء بالكذب والمزايدات السياسية ؟ وهل محاولة إستمالة العاطفة ودغدغة المشاعر عبر الذين تمت إعادة إنتاجهم لصالح الحكومة من قبل الوفد المفاوض للحكومة وإستصحابهم في أبوجا كمسهلين ستؤتى أوكلها بغية التهرب من دفع ضريبة إنجاز مرحلة اللام ؟
من هنا يتضح بجلاء للقاصي والداني ولأيما متابع دقيق أو قارئ حصيف أن الحكومة ليس في أجندتها الآن تحقيق السلام في إقليم دارفور ، وليست مستعدة لتقديم التنازلات أو على الأجدى دفع الإستحقاقات لذلك ، فضلاً أنها - أي الحكومة - لا تملك الإرادة السياسية الحقيقية للتوصل إلى إتفاق ينهي الأزمة سلمياً من خلال منبر تفاوض أبوجا ، وغير ذلك لا يمتلك وفدها المفاوض - أي الحكومة - أي تفويض حقيقي للوصول إلى سلام أو على أقل تقدير أن الحكومة الآن ليست مستعدة مطلقاً لإنهاء مرحلة ( اللا حرب ) و( اللا سلم ) التي ظلت تسود أرجاع إقليم دارفور في الأيام الآخيرة
في الجانب الآخر على العكس تماماً ( الثــوار ) يمتلكون الإرادة الحقيقية والتفويض التام للتوصل إلى إتفاق يحقق السلام الذي يفضي بدوره إلى تحقيق آمال وأشواق وتطلعات المهمشين في أصقاع السودان قاطبة ودارفور خاصة ، وتتجلى هذه الإرادة وهذا التفويض من خلال التنازلات أو على الأرجح التضحيات التي قدموها في أبوجا بغية التوصل إلى إتفاق ، ويجدر بنا هنا أن نذكر بعض منها على وجه المثال لا الحصر التنازل من المطالبة برئاسة دورية بين كافة أقاليم السودان للدولة على قدم المساواة ، والتنازل من المطالبة بإعادة الأقاليم الجغرافية السودانية السبعة بحدودها مثلما كانت عليه حينما بذوغ الإستقلال ، والتنازل من مشاركة كافة الأقاليم السودانية السبعة في مؤسسة رئاسة الجمهورية بواقع نائب للرئيس من أي إقليم ، والتنازل من إعادة النظر في إتفاقية نيفاشا وإمكانية تعديلها ، بل جاءت كل مطالب ( الثوار ) تعضد من نيفاشا وتدعمها وتقوي من عودها
كل هذه التنازلات إن دلت إنما تدل على إخلاص العزيمة و النوايا الصادقة ( للثوار ) والإرادة الحقيقية والتفويض الكامل الذي يتمع به وفدهم المفاوض في أبوجا بغية تحقيق السلام الذي يلبي طموحات الشعب السوداني كافة وشعب دارفور خاصة ، ومع ذلك أعتقد أن المطالب التي تقدم الآن من ( الثــوار ) في أبوجا هي أقل بكثير مما كنا نطمح فيه وننشده ونتطلع لبلوغه مقارنة مع الهوة التأريخية بين المركز والهامش ومناصفة مع ما لم يحظى به لإقليم دارفور طيلة تأريخه التليد ونظراً وتقديراً للتضحيات الجسام التي قدمت من أجل ( الثورة ) في دارفور ووفاءًا للشهداء الذين إرتوت بدماءهم الطاهرة أرض دارفور الأبية فضلاً عن الظلم المستشري تأريخياً وإستئثار المركز
ولعل القارئ الحصيف - أيما قارئ - إذا أجرى إستعراضاً للحوار الدائر مع إستجلاء إمكانية الإستفادة من قدر التنازلات التي قدمت ولا تزال تقدم في أبوجا يوماً إثر يوم ، يتضح له بجلاء دونما ثمة ريب أو شك أو مساورة - أن الوفد المفاوض للحكومة في أبوجا تنقصه الشجاعة في إتخاذ القرار بغية التوصل إلى إتفاق فضلاً عن اللا إرادة واللا تفويض هذه الأزمات التي ظلت تلاحق وفود الحكومة المفاوضة منذ أبشي وأنجمينا مروراً بأديس أبابا وآخيراً وليس آخراً أبوجا ، كما ولعل هذه الأزمة بحسب رأيي ليست وليدة اللحظة أو أنتجتها الظروف أو محضة صدفة كما يخيل لكثير من الجاهلين ببواطن الأمور - ولكنها رؤية المؤتمر الوطني ( الحكومة ) التي لم تتخذ حتى اللحظة قراراً إستراتيجياً لإحلال السلام والتوصل إلى إتفاق من قبل ذلك ، وهذا ما يتضح بجلاء من خلال الخروقات المتكررة للحكومة ومرحلة ( اللا سلم ) و ( اللا حرب ) التي تعاش الآن
وقبيل ذلك وهذا وذاك هناك أوضاع النازحين التي تتزايد يوماً إثر يوم رويداً رويداً ومن السيء إلى الأسوأ ، وغلاء المعيشة وقلة المواد الغذائية وإستشراء المجاعة أو شبهها في كثير من مدن دارفور التي تكتظ بالسكان - هذا بدوره أفضي بالطبع وألقى بظلال على ( أبوجا ) وكثيراً ما يؤول المواطنون على ( الثوار ) للخلاص من الظلم إلى رحاب العدل ، ومن ضيق القبلية إلى سعة الوطنية ، ومن مرض الجهوية إلى دواء القومية ، ومن إنغلاق الهيمنة والوصايا إلى إنفتاح المشاركة والإختيار ، ومن الكبت إلى الحرية ، ومن تقوقع الأحادية والشمولية والرجعية إلى عهد التعددية والديمقراطية والتقدم ، ومن جور التفرقة والعنصرية إلى قيم المساواة والمواطنة ، ومن الإستعلاء إلى السواء ، ومن التفاضل والتمييز إلى التكامل والأخاء ، ومن التشظي إلى الوحدة ، ومن التباعد والتباغض إلى عصر التآلف والتكاتف والتماسك والتعاضد والتسامح والتعايش
فمن هذه التجليات تتضح عظمة الدور الرسالي الملقاة على عاتق ( الثوار ) حيال الإضطلاع بدور فاعل بغية تلبية رغبات وطموحات المهمشين في أصقاع السودان قاطبة ودارفور خاصة ، فضلاً عن ذلك يتوجب على ( الثوار ) إستحداث آليات جديدة وحديثة وأكثر فاعلية للضغط على الحكومة ( المؤتمر الوطني ) وبحث إمكانية إنهاء حالة ( اللا حرب ) و ( اللا سلم ) ونقل الحرب في أجزاء ةاسعة حتى يردغ النظام للمطالب المشروعة التي تقدم من خلال أبوجا وحتى ينتزع حق جماهير شعبنا العادل في السلطة والثروة

وفينا شيء من حتى

الاثنين، فبراير ١٣، ٢٠٠٦

عيـــد بأي حـــال عـــدت يا عيـــــد بما مضــى أم لأمـــر فيــــك تجديـــد

عيد بأي حال عدت يا عيد ؟ بما مضى أم فيك تجديد ؟؟
أيهم أنت عيد للإستقلال ... أم عيد للإستغلال


أطلت علينا في الأيام القليلة الفائتة – الذكرى الخمسين – من بذوق فجر الإستقلال ( كما يقال ) – الذكرى التي أحسبها ذكرى جلاء المستعمر الأجنبي وتسلم سدة الحكم في السودان للمستعمر الداخلي الذي إنبثقت منه الحكومات التي تعاقبت على إدارة دولاب الحكم ونظم الإدارة في الوطن – الذكرى التي أحسبها جسدت للظلم وأرست قوائم للتمييز والتفرقة والإضطهاد والتهميش والإستلاب والإستغلال السياسي والإجتماعي والإقتصادي والتنموي والثقافي في السودان .تجلت هذه الذكرى بعد مضي خمسون عاماً وحتى اللحظة لم يعبر شعبنا الجسر ليتحرر من براثن الطغيان ، فلم ينال شعب في التاريخ حريته قط إلا وهي مخضبة بدماء الشهداء !! فإنطلقت ثورات الهامش جنوباً وشرقاً وغرباً وشمالاً ووسطاً ، وإرتوت إفون الهامش بدماء شهداء الحرية والعدل والمساواة- فكانت التضحيات الجسام من أجل صون ( إستقلال ) حقيقي ليس مزيفاً أو حتى ( إستغلالاً ) كما هو الآن .فإذا أجرينا إستعراض للحوار الدائر بين إتجاهي أيهم كان ولا يزال إستقلالاً ؟ أم إستغلالاً ؟ وإستجلاء إمكانية الإستفادة من المعطيات والمؤشرات في تشخيص وعلاج الإتجاه – بما لا يدع مجالاً للشك – أننا عشنا طيلة الخمسون عاماً الماضية في عهد ( إستغلال ) متبلور بظلم فوق ظلمات .فإن مفتاح ( الإستقلال ) الحقيقي والتقدم وسر التحضر هو نبذ التخلف ، وإرساء دعائم القيم الوطنية والديمقراطية الراشدة ، وإقرار العدالة الإجتماعية ، والإعتراف بالحقوق المدنية ، إذن لطالما لم تتحقق هذه القيم فإننا لسنا في ( إستقلال ) حقيقي بل محض إفتراء وإدعاء !! فالحياة في صيرورتها سجالاً بين الناس ، وعجلة التاريخ في دورانها تظل تسجل أحداث حياتهم ، إلى أن يحقق النضال والكفاح الإنساني غايته ، ويصل مجتمعنا إلى – يوبيا – الإعتراف المتبادل والمساواة الكاملة بين جميع أفراده .. آنئذ .. نشعر بالتحرر من الإستعمار ، ونحقق الإستقلال الحقيقي ويستمتع شعبنا بمباهج الحياة .فالإستقلال ( ليس الإستغلال ) هو إحلال التفاؤل محل الإحباط .. ونهضة همة الشعب بعد رقاد .. وتحرير الشعب من أسره الذي طال .. وإعتبار أن كل خطوة في طريق الحرية .. هي بالضرورة خطوة .. إلى عصر النهضة وبناء الحضارة – والنقلة الحادبة من من عهد الظلام إلى عهد التنوير عقب تحقيق الديمقراطية وتوريث السلطة على المشاع ، وأن يجري تداولها بين المواطنيين على قدم المساواة – فحينما يسوي الشعب حكامه ، ويحاسبهم على أفعالهم ويغيرهم ، فإن ذلك يبشر بفجر الحرية التي هي بالطبع سلم من سلالام ( الإستقلال ) التي تنير الطريق إلى الأمل والعمل والتقدم ومصافي النماء والرفاهية وحينها ينبت نبت ( الإستقلال ) لنفرح به .خمسون عاماً مضت من الإستبداد السياسي والقهر الإجتماعي عايشناها ، لم نذق فيها طعم الحرية قط – وعشنا في بلدنا غرباء ، بينما ظل كهنة السلطة ، حلفاء الغزاة وصناع الطغاة ، يزيفون وعي شعبنا ويسرقون آماله وأحلامه ، توقفت مسيرة شعبنا الحضارية ، وتبدد إبداعهم الإنساني ، وتوالت عليهم المصائب والإحن والمحن من حيث لا يحتسبوا ، وعاشوا أسرى تخلفهم الإجتماعي والإقتصادي والإنمائي ، وبمرور الزمن وغواية السلطة – وإستكانة شعبنا ( مسلوب الإرادة منذ بدء الإستقلال أو بالأحرى الإستغلال ) – ظلت تؤول السلطة من نظام إلى نظام ومن جيل إلى جيل وكأنها تورث رعيلاً بعد رعيل وهكذا دواليك السلطة والثروة – ظلت دولة بين جماعات الصفوة المترفة والنخبة المستبدة .خمسون عاماً مضت وظل الإختلال في موازين السلطة والثروة قائم ، والتمييز والتفرقة على أساس الجهة أو اللون أو العرق أو الثقافة أو الدين موجودة ... فبأي إحتفال هم يحتفلون ؟؟ !! وبأي ( إستقلال / إستغلال ) هم يحتفون ؟؟!! دارفور تنزف دماً للتو ... والنازحون في الجنوب يريدون العودة ولا يستطيعون ... وتالمواطنون في الشرق يموتون بالسل " الدرن " ... والمواطنون في الشمال يعانون من داء السرطان ... المواطنون في الجزيرة وما حولها يشاقون البؤس ... اللاجئون السودانيون في مصر يقتلون ... كل هذا والحكومة تتهرب من الجلوس في تفاوض مع ( ثوار ) شرق السودان بغية التوصل إلى إتفاق يفضي إلى نيل وإنتزاع شعب الشرق لحقه ... كل ذلك والحكومة تواصل المراوغة والمماطلة والمماحكة مع ( ثوار ) دارفور في أبوجا بغية وضع حد للأزمة المستفحلة في الإقليم وإنتزاع شعب دارفور لحقه في السلطة والثروة – فأي عيد هذا الذي تريده الحكومة السودانية الآن ؟؟ كل عام يحتفلون بذكرى 1/1/1956م وبغضوا الطرف عن التساؤل : عيد بأي حال عدت يا عيد ؟ بما مضى أم فيك تجديد ؟والإجابة على هذا التساؤل المشروع هي ما لم يتحقق السلام في أجزاء السودان قاطبة وتعمه المساواة والحرية والديمقراطية والرفاهية ويعلوه العدل والقانون وتسود التنمية البشرية والعمرانية والإقتصادية المتوازنة بين مكوناته الثقافية والإجتماعية لا يكون هناك ( إستقلالاً ) بتاتاً ، بل يكون مثلما تريد الحكومة أن تحتفل بذكرى ( الإستغلال ) - أما الإستقلال والتغني به فهو طرفة ظللنا نسمعها من حين لآخر وعام إثر عام دونما أن تمت هذه الفقاعة لأرض الواقع بصلة من قريب ولا من بعيد .أما 1/1/2006 م فهي رأس سنة ميلادية جديدة وليست عيداً ( للإستقلال ) أهنيء بها الشعب السوداني وأأمل أن تعود علينا وتجدنا في سلام وطمأنينة ونحن نبدأ حينذاك مرحلة وضع حجر الإساس لبذوق فجر ( الإستقلال ) الحقيقي ودق مسمار الوداع في نعش ( الإستغلال ) للوصول إلى التحرر الذي من ثم نعيشه ونتعايشه .كما لا تفوتني ذكرى العيد الكبير( الأضحية ) التي تطل علينا في غضون الأيام القادمات والتي أتمني أن تأتينا عاما ً قادماً وتجدنا نعيش في دولة العدل والمساواة والحرية

الثورة يصنعها المفكرون وينجزها الشجعان ويستفيد منها الإنتهازيون

الثورة يصنعها المفكرون وينجزها الشجعان ويستفيد منها الإنتهازيون
إخترت العنوان أعلاه لكتابة هذا المقال ليس لبخس شيء ، بل إحياءاً لهذه المقولة التي طالما ظل يرددها الثوار في وطني جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً ووسطاً ، فالثورة - أية ثورة - كانت ولا تزال تعرف بأنها رفض لواقع مزري سواء كان تمخض عن ظلم سياسي أو إجتماعي أو ثقافي أو عرقي أو ديني أو إقتصادي أو في أي منحنى من مناحي الحياة الأخرى ، فضلاً أنها - أي الثورة - هي مجموعة أحاسيس ومشاعر تنبعث في الإنسان بغية حدوث الإنتفاض والثور لأجل تحقيق غاية وهذه الغاية بضرورة حتمية تنطلق من منطلق لنا ولغيرنا أو لنا ولسوانا أو لنا ولعدانا وكلاها صحيحة ، غير أن الثورات هذه جميعها وفي أغلب الأحايين تنشأ وتقوم وترتكز على أساس إيدلوجي ( ديني ) أو على أساس عرقي ( إثني ) وهذه الأسس هي طبيعة الثورات حسبما متعارف عليه تاريخياً الثورات في العالم الثالث إلا من ندر ، وتنقسم في حد ذاتها هذه الثورات إلى صنفين أولى محمية بالسلاح وأخرى شعبية ليست محمية بالسلاح وتعرف بالإنتفاضة ، ولعل ما يجمع بين كلتا الثورتين أكثر مما يميز بينهم ، وبطبيعة حالة الثورات أنها لا تنطلق وفق ترتيب كثيف مسبق لها بل تنشأ كردة فعل لفعل آخر كأداة رفض لذاك الفعل ومن ثم عقب ذلك تتم إعادة الصياغ وترتيب وترتتيل الأوضاع حسب الحوجة والضرورة كيف يصنع المفكرون الثوراتعند إستشراء الظلم - أي كان - سياسي ، إجتماعي ، ثقافي ، ديني ، عرقي ، جهوي ، لغوي ، يستشعر المفكرون بعظمة الدور الطليعي الملقاة على عاتقهم حيال هموم وقضايا جماهير شعبهم، وتنشأ وقتها الغريزة الفكرية في إيجاد مخرج ومخلص لشعبهم مما هم فيه ويظل هذا التفكير يتقدم إلى الأمام رويداً رويداً وينمو ويكبر لحظة إثر لحظة حتى يصل إلى ذروته ، آنئذ تشخص القضايا والهموم تشخيصاً سليماً وتوضع الحلول المرضية والسلمية السليمة لتداركها ويبدأ في ذات الأثناء الكفاح المدني ( الحوار ) كآلية وقتذاك لإنجاز الحلول محل النظر - وعندما يعجز المفكرون عن تحقيق شيء من هذا القبيل عبر هذه الآلية المتواضعة تتجه أنظارهم صوب خيارات أخرى ( جديدة ) يمكنها أن تؤدي إلى ذات النتيجة ولكنها في هذه المرة بوسائل أخرى مستوحاة من الواقع ومستلهمة في ذلك بالظلم التأريخي الذي عادة يولد الغبن وألإحتقان فالمفكرون هم الذين إكتووا بنيران الظلم أكثر من غيرهم من شرائح المجتمع الأخرى - ليس لشيء سوى أنهم مفكرين - ولأن المفكرون هم الشريحة الأكثر وعياً في مجتمعاتهم البسيطة التي غالباً ما تبحث فقط عن بدائيات مقومات الحياة من مأمن ومأكل ومشرب وملبس ومسكن ، لذلك يقع الحمل الأكبر على عاتق المفكرين والذي يفضي بدوره إلى بحثهم الدؤوب عن آلية لتخيف هذا الحمل ولن يتحقق حلم التخيف هذا إلا بالخلاص من الواقع المزري المعاش ، فتثور أفكار المفكرون وعقولهم - يتمخض عن ذلك إيجاد خيار جديد وهو ( الثورة ) بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وفي خضم ذلك يظل هذا الخيار هو الشغل الشاغل للمفكرون بعد نفاذ الخيارات الأخرى التي بدؤوا بها إلى أن يصل المفكرون إلى الإعلان عن ( ثــورة ) للخلاص والتغيير وتسوق هذه الفكرة في غضون أيام قلائل حتى تجدها سائرة وسط المواطنين وتصبح حديث المدينة ليلتف حولها المواطنون ويتطلعوا لنجاحها وبلوغ ما بشرتهم به من عصر الخلاص والتغيير والنهضة كيف ينجز الشجعان الثورةبعد رسم ملامح الثورة من قبل المفكرين ، يأتي دور المناضلين والذين بدورهم لا يتوانوا في أن يقدموا أرواحههم رخيصة في سبيل إنجاز المرحلة الثورية وتحقيق أهداف الثورة فضلاً عن تكبدهم المشاق ومواجهتهم للصعاب التي تعتري مسيرتهم النضالية وبذلهم للغالي والرخيص بإسهامهم الفكري والمادي والنفسي حتى تصل الثورة إلى مرحلة النضوج بعدما كانت نواة عند المفكرون فتمضي المسيرة النضالية – خطوة إثر خطوة – حتى تكتمل بنية الوعي الثورية بأسس ذات مضامين ومفاهيم تنشد تحقيق القيم التي إنطلقت من أجلها الثورة التي تتمثل في محاربة الظلم المستشري – أي كان – سياسي أو إجتماعي أو ثقافي أو إقتصادي أو عرقي أو ديني أو جهوي أو في أي شابيب من شبابيب الحياة المتنوعة والمتعددة ، غير أن المناضلون لا يعيرون إهتمام لجانب ( الإعلام السياسي ) والذي أصبح الآن هو الزاد وسلاح العصر وهنا يجد الإنتهازيون السانحة مواتية لهم في إستغلال نقطة ضعف المناضلين هذه وبذا يتمكن الإنتهازيون ( الثوريون الجدد ) من ملأ الساحة المحيطة بهم صريخاً وعويلاً وتبنياً لمواقف غيرهم من الأحداث التي تمر سراعاً وتتغيير حسبما المستجد الذي يطرأ عليها ووفق الراهن الذي تعج به الساحة السياسية وقتذاك في ذات الأثناء يظل المناضلون الشجعان غير آبهين بالإعلام مثلما قلت ويقضوا جل وقتهم في مواصلة النضال مستشعرين في ذلك بمعاناة أهلهم وشعبهم الذي يؤول عليهم كثيراً في الخلاص والتغيير للحال والواقع المزري ، ويظل هؤلاء الشجعان مهمومون حيال قضايا وهموم شعبهم ويتطلعون للوصول إلى نقطة النهاية بعد إنجاز المرحلة الثورية ويأملوا بلوغ تحقيق أمال وأشواق وتطلعات جماهير شعبهم المغوار دونما أن تكون هنالك ثمة تفكير في الإستئثار من ذلك بشيء وهكذا المناضلون الشجعان كيف يستفيد الإنتهازيون من الثورة عقب تحقيق نتائج إيجابية وطيبة على أرض الواقع مع إقتراب جني الثمرات يظهر للسطح ثوريون جدد ( إنتهازيون ) ليس إلا قادمون لتحقيق رغباتهم وأطماعهم الذاتية ومصالحهم الشخصية ومآربهم النفعية – متدثرين في ذلك بثوب ( الثورة ) والإيمان بها وببرامجها وأهدافها بغية إخفاء أجندتهم الخاصة التي جاؤوا من أجل تحقيقها ، وحينها يظهروا الحماس والجدية والإلتزام والتفاني ونكران الذات حتي يكثبوا ثقة غيرهم المناضلون الشجعان ومن ثم ليتدبروا وليتعقلوا في كيفية جلب منافعهم تلك ولا يهمهم في ذلك أدنى إهتمام بالأدب الثوري أو الأخلاقي ، بل مرتكزهم ( الغاية تبرر الوسيلة ) ضاربين بالقيم والمثل والأخلاق أرض الحائط فالإنتهازيون ( الثوريون الجدد) وفي أحايين قدامى كما ذكرت آنفاً يسعون بكل السبل – حتى وإن كانت ليست أخلاقية – لتحقيق مطامحهم الذاتية ويتحيلوا كافة الحيل – حتى ولإن تكن ليست شريفة – لدحض المفاهيم الثورية الحقة التي تعطي كل ذي حق حقه ومستحقه . فالثورة إما ( نــور ) أو ( نــار ) أولها نار فنار ثم نور ونور ، وكما يتطلع الإنتهازيون حسبما يزعموا أن يكتوي بنار الثورة أولاً المفكرون ثم يتبعهم ثانية في الإكتواء المناضلين الشجعان ثم ينعم بعدهم ( الإنتهازيون ) بنور الثورة ونورها دونما أن يقدموا شيء للثورة ومسيرتها النضالية الذي يعد بمثابة شرف لكل مناضل لا يدانيه شرف – أيما شرف – أن يقدم للثورة ماله ونفسه وروحه فداءاً للقضية التي آمن بها وثار من أجلها

حول أحداث اللاجئين السودانيين بالقاهرة

هل أذنت الحكومة السودانية لرصيفتها المصرية بإرتكاب تلك الجرائم البشعة في حق اللاجئين السودانيين بمصر

إنتابني الحزن وأنا أنظر إلى تلك المأساة وأبحر في تجميع المعلومات والإحصاءات الدقيقة لضحايا الأحداثالمؤسفة التي لم تفرق ما بين النساء والأطفال والعجزة والشباب – وكان مسرح الأحداث كما تابع وقرأ الجميع في هذه المرة القاهرة العاصمة المصرية .الجميع يعرف مدى حجم التخبط العشوائي الذي ظلت تدار به سدة الحكم في السودان – ولعل الكبت ومصادرة الحريات وقمع الشعب والتقوقع والتغلغل في جميع المؤسسات العمالية والمدنية بشمولية قابضة من الأنظمة – نتج وتمخض جراء تلك الأفاعيل بحث المواطنين عن مكان للأمن والمأكل والمشرب والإطمئنان والبحث عن مصدر عيش لهم ولأسرهم التي تؤول عليهم كثيراً في نلبية حاجياتهم الأساسية من مقومات للحياة والعيش ، فضلاً عن لجوء جزء من المواطنين للخارج بحثاً عن مصدر للأمن في النفس والمال والسكن عقب الحال المأزوم والكئيب في ظل مصادرة الحريات العامة والكبت والإعتقالات الإنتقائية التي لم يشهد السودان لها مثيل طوال تاريخه الحديث ببشاعة ووحشية مثل تلك .فخرج المواطنون مهاجرون ولاجئون إلى الخارج إنتشروا في رحاب المعمورة الواسعة وقاراتها المختلفة ودولها المتعددة وإختلطوا مع شعوبها المتنوعة وأثروا الحياة هناك وتأثروا بها – فإختار جزء من اللاجئين السودانيين " مصر " ملجأً ومأوىً ومأمناً لهم ولا غرو ولا عجب ولا إستغراب في تلك الإصطفاية لمصر نسبة لقربها من السودان ومن ثم نسبة إلى كونها من الدول الشقيقة والصديقة للسودان حسبما يزعم بعض العروبيون السودانيون ، فإنطلاقاً من تلك الموروثات التاريخية التي غرست في عقول السودانيين كان إختيار اللاجئين لمصر مستقراً وملجأً – فإكتظت مصر باللاجئين السودانيين من كل حدب وصوب في السودان .وظل اللاجئون السودانيون بمصرمنذ عمد طويل يبحثون عن حقهم المشروع كلاجئين وفق المواثيق والقوانيين الدولية المختصة بشئون اللاجئين الصادرة من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة - فضلاًً عن مطالبتهم بحقوقهم الأساسية كلاجئين لدى مصر من قبل الحكومة المصرية ، غير أن الحكومة المصرية لم تعير لذلك أدنى إهتمام وظلت تتجاهل مطالبهم العادلة وتغض الطرف في النظر إليهم كإنسانيين آدميين لهم حق الحياة والعيش والبحث عن المأمن والمأوى والملاذ.فسير اللاجئون عدة مظاهرات سلمية - مصحوبة بمذكرات - مطالبين فيها بلفت النظر والإستجابة لحقوقهم وتلبية حاجياتهم ، في ذات الأثناء كانت الحكومة السودانية تعرف ذلك عن كثب وقرب ولم تفعل شيئاً ( ولن تفعل ) وكانت على دراية تامة بالأحوال والأوضاع السيئة التي تسود حياة اللاجئين السودانيين وتعلم جيداً الأوضاع المأزومة والموبوئة التي تحيط باللاجئين ولكنها لم تكلف نفسها بالبحث والبت عن حلول لذلك - على الأقل توفيق أوضاع اللاجئين - فظلت أحوال اللاجئين السودانيين بمصر كما هي أو أشد - لم يطرأ عليها جديد ، بل أصبحت أحوالهم تمضي من إتجاه السيء إلى الأسوأ حسب آخر التقديرات لأوضاعهم - ولعل اللاجئين لا يزالوا يناشدون المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من جانب والسلطات المصرية من الجانب الآخر بغية تدارك أزمتهم ووضع حد فاصل لمعاناتهم وتوفيق أوضاعهم كلاجئين ، غير أن الحكومة المصرية في هذه المرة سمعت دوي نداء اللاجئين وصداهم القادم من معاناتهم وأرادت أن تفعل شيئاً لعله يضاف إلى سجلها ( ليتها لم تفعل ) ولكن فعلتها هذه ليست تحقيقاً لتطلعات وأشواق اللاجئين في نيل حقوقهم المشروعة وفق قوانيين ومواثيق الأمم المتحدة ومفوضيتها لللاجئين ، بل العكس تماماً - فأدارت الحكومة المصرية معركة ليست في مكانها - من جانب واحد فقط مع اللاجئين الذين لا يملكون شيئاً سوى قضيتهم العادلة ومطالبهم الشروعة - فكانت المعركة الطاحنة والتي خسرت فيها الإنسانية قبل اللاجئين - والتي حشدت لها الحكومة المصرية قوات أمنها وشرطتها بغية إنهاء حالة الإعتصام المعلنة من اللاجئين ، وأسفرت معركتها تلك عن إزهاق العديد من المهج والأرواح وإستشهاد ما يربو على الخمسين ونيف ( حسب التصريحات غير الرسمية ) من بينهم أطفال ونساء وحوامل وعجزة - وحتى اللحظة لم يصدر من الحكومة السودانية ما تدين به أو تستنكر به أو تشجب تصرف الحكومة المصرية مع قضايا اللاجئين السودانيين العادلة في صبيحة الثلاثين من ديسمبر المنصرم ولا حتى صدر من الحكومة حتى التو على الأقل ما تترحم به على أرواح الضحايا أو الدعاء للجرحى والمصابين بعاجل الشفاء ، بل على عكس ذلك تماماً ظلت الأقلام المأجورة لصالح الحكومة في وسائل الإعلام المحلية تكتب ولا تبدي تعجباً أو إستنكاراً لما حدث ودونكم الطاهر ساتي بجريدة الصحافة .فتبادرت إلى ذهني ومخيلتي أسئلة كثيرة - ذات قيمة - تبحث عن إجابة شافية ليست فيها أدنى ثمة مواربة أو لبس ، تبدأ ب : هل أذنت الحكومة السودانية لرصيفتها المصرية بإرتكاب تلك الجرائم البشعة في حق اللاجئين السودانيين ؟؟؟!!- وتكمن إجابة هذه التساؤل ببساطة في التعمق والتفحص عن ، لماذا تغافلت وتجاهلت بل تغاضت الحكومة السودانية عن تلبية النداءات المتكررة لللاجئين ؟ ولماذا لم تدين تلك الأحداث التي كلمن شاهدها وفي نفسة ذرة من الإنسانية إحمرت عيونه وتقاطرت دماعه ؟ فيظهر بجلاء للقاصي قبل الداني تواطؤ النظام السوداني مع النظام المصري في إرتكاب هذه الجرائم التي لا يقرها قانون ولا عرف ولا ترتضيها نفس آدمية فيها ثمة إنسانية ولعل زيارة على عثمان محمد طه الآخيرة لمصر قبيل الأحداث لها دلالاتها ومؤشراتها التي ترتبط إرتباط وثيق مع هذه الأحداث المؤسفة والتي إعتدناها من النظام السوداني الذي لا يمت للأخلاق ولا الإنسانية بصلة من قريب ولا من بعيد .ولعلي لم أتعجب في أن يشترك النظام السوداني مع النظام المصري جنائياً في إرتكاب هذه الفظائع والمجاذر والمذابح الجماعية والتي أستخدمت فيها الأعيرة النارية وقاذفات ومرشات المياه البرودية والحرارية ، لأن بتمعن النظر في سجل وملف النظام السوداني ( القمعي ) تجده مليء بإنتهاكات حقوق الإنسان وتعديه وتجاوزه لمواثيق وقوانيين حقوق الإنسان العالمية التي تكفل للإنسان حق الحياة والعيش والكسب والكرامة .وليست جرائم النظام في دارفور من قتل وتشريد وإبادة منا ببعيدة ، فالنظام الذي يروع مواطني دولته ويقذف قراهم بالطائرات ليس غريباً أن يلتقي مع نظام آخر مثله وشتركا معاً جنائياً في تنفيذ أحكام إعدام لمواطنيه دونما أن يرتكبوا جرماً أو أن يفعلوا شيئاً يستحقون على إثره العقاب بل ويصتادهم في خارج مصيدته حتى لا يظن به أن المجرم غير أن الشواهد والدلايل لوحدها تثبت ذلك وتدحض نفيه من صلته بالأحداث .* خلاصة المقال ثمة أشياء يجب القيام بها مع التأكيد عليها :** مناشدة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان العالمية والدولية والإقليمية والمحلية بالإسراع في التدخل للحفاظ ولحماية اللاجئين الباقين من ذئاب قوات الأمن المصرية وتكوين لجنة دولية عاجلة مستقلة للتحقيق في الأحداث المؤسفة وتسمية الجناة وتقديمهم إلى محاكمات عادلة وناجزة تحت رعاية الأمم المتحدة حتى لا يفلت مجرم من العقاب .** مناشدة المفوضية السامية لشئون اللاجئين بتوفيق أوضاع اللاجئين السودانيين بالقاهرة وتلبية حاجياتهم التي تقرها المواثيق والقوانيين الدولية .** مناشدة الحكومة المصرية بإقالة وزير داخليتها وإجراء تحقيق فوري وسحب الحصانة من الجناة لتقديمهم إلى العدالة بعد فراغ لجنة التحقيق التي تكونها الأمم المتحدة في هذا الإطار .** مناشدة الشعب السوداني والشعب المصري بتسيير مظاهرات شجب وإدانة وإستنكار ومناهضة لما حدث من أحداث مأساوية من الحكومة المصرية بالوكالة عن الحكومة السودانية .** مناشدة الإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية بالضغط على الحكومة المصرية للإستجابة للمطالب المشروعة لللاجئين والتي تتمثل في حق الإقامة والحركة والتنقل والحياة والكسب والعيش .** مناشدة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يدين فيه الأحداث ويضغط على الحكومة السودانية للإستجابة لرعايا الدولة والكف عن القهر والإستبداد الذي شرد وسيشرد المواطنين السودانيين للخارج وتوفيق أوضاع اللاجئين في مصر على عجالة .* الترحم على أرواح الشهداء ونسأل الله لهم المغفرة و القبول الحسن وإنزالهم منزل صدق مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً .* حسن العزاء والصبر والسلوان لنا ولعامة الشعب السوداني وجميع محبي الإنسانية وأهل الشهداء وذويهم وأصدقائهم في هذا المصاب الأليم وهذا الفقد الجلل .* خالص الدعوات وأصدق التمنيات للجرحى والمصابين بأن تتنزل عليهم ملائكة السماء والرحمة بعاجل الشفاء وتمامه .* الوقوف مع وخلف بقية اللاجئين حتى ينتزعوا حقوقهم العادلة والمشروعة التي تقرها لهم قوانيين ومواثيق الأمم المتحدة وحتى يتحقق حلمهم وأملهم في نيل وإنتزاع حقوقهم وفق أعراف وتعريفات مفوضية حقوق اللاجئين .الخزي والعار للحكومة السودانية ورصيفتها المصريةالمجد والخلود للشهداء والتحية والصمود لبقة اللاجئينالفخر والإعزاز للذين يقبضون على جمر قضايا الشعب وجذوتهاوالنضال والصمود للثائرون في وطني من أجل نصرة الشعب والمستضعفين

الهويـــــــــــــــــة بين الواقعيــــــــــــة والمبدئيــــــــــــــــة

الهويـــة بين الواقعيـــــــة ... والمبدئيــــــــــــــــــة
"الهوية " مدلول مختصر لتعريف الشخص أو الشعب أو الجهة أو الوطن من هو ؟؟ فإذا وضعنا هذا التساؤل أمامنا نحن كسودانيين من نحن ؟ فما هي يا ترى الإجابة ؟ قطعاً إشكالات الهوية في السودان لم تبدأ اليوم أو قبل اليوم بل قبل قرن ونيف ، ولعل أبرز ما صاحبها حينذاك التعصب الأعمى واللا فكر واللا إعتراف بالآخر كماً ونوعاً وهذا ما ولد في نفوس السودانيين بالفطرة غبن إجتماعي دفين وإحتقان وإحتقار بالآخر ، فبرزت تيارات عدة منها ما كان ينادي بأن السودان دولة " عربية ومسلمة " وإتجاه آخر يقول أن السودان دولة " إفريقية "وإتجاه ثالث يرى أن السودان دولة " سودانية " لا إفريقية ولا عربية . فمكونات الهوية تتعدد في عدة جوانب خاصة فيما يتعلق بالثقافة والتراث والجنس والدين واللغة ، فإذا تأملنا بنظرة فاحصة وعين ثاقبة هذه الجوانب هل نجد أن السودان يتمتع جميعه بوحدة هذه الخصائص؟ أم ان هنالك جوانب أخرى فيها ثمة إختلاف ؟ فالسودان دولة ذات حضارة عربية قديمة مزجت بالحضارات الأخرى الإفريقية منها والنوبية منذ باكر الزمان حين هجرة العرب الأوائل للسودان ، كما أن السودان دولة ذات حضارة إفريقية عريقة قديمة منذ سالف الزمان . فالباحث عن الهوية في السودان يحتار في إيجاد العوامل المشتركة بين مكونات الشعب السوداني والعوامل الأخرى غير المشتركات ، فالعامل المشترك أولا بين مكونات الشعب السوداني يكمن في اللغة التي يتحث بها أغلب الشعب السوداني في شماله وشرقه وغربه ووسطه وهذا المشترك بدأ يلمع بريقه منذ أواسط الخمسينيات من القرن الماضي حين إستقلال السودان وإعتماد اللغة العربية كلغة رسمية أولى في السودان ، أما المشترك الثاني فهو الدين " الإسلام " لإعتبارات عدة منها أن هنالك ممالك إسلامية كبيرة قامت في اواسط وغرب وشرق السودان كما أن لدخول العرب المسلمون السودان أثره الواضح في إرساء جوانب المشترك الثاني وضمان بقاء المشترك الأول ، أما المشترك الثالث الثقافة أيضا حين ثبان المشتركين الأول والثاني كان حتما أن تنشأ الثقافة الإسلامية كبديل للثقافات الأخرى وهذا ما شجع الثقافة في أن تكون من القيم والموروثات الاسلامية ، أما المشترك الرابع الجنس فإنه لم يكون موفق نسبة للتعاليم الدينية التي تدعو الى المساواة وعدم التفاخر بالأنساب والأجناس وهذا بدوره قاد الى إنتفاء ضرورة وحدة هذا المشترك ، ومع وجود تلك المشتركات إلا أن هنالك بعض الجوانب التي يختلف عندها ولا يمكننا العبور عليها دون تناولها ولو بتسليط الضوء عليها ، شعور بعض القوميات السودانية بالدونية ولد في دواخلهم التحرك نحو المجموعات الأخرى لإستقطابها بإعتبار أن الأصل هو الجنس وهذا الإتجاه وجد القبةل من كل من يحس بانه دني لذلك شكل هذا الجانب محطة ومرحلة مهمة في رسم الهوية السودانية . ولكن أفتكر أن التنوع والتباين الموجود في السودانلايمكن لنا أن نفسره على اساس الإختلاف فيجب أن نستثمره إستثمار منتج في اطار قومي موسع يحمل في طياته جميع الثقافات والاعراف والعادات والمعتقدات ويعطيها حق النمو والمحافظة على وجودها وتطويرها والتواثق على عقد اجتماعي جديد يمثل نقطة تحول في إشكالات الهوية السودانية وهذا العقد بالضرورة يقوم على اساس المواطنة أساسا لأخذ الحقوق وأداء الواجبات مع عدم التمييز بين الشعب السوداني على اساس الدين او العرق او الثقافة او الاتجاه او اللغة او اي شكل من اشكال التمييز ، وبناء هوية تحفظ للجميع حقه في ثقافته وتراثه ولغته وعاداته ومعتقداته لطالما هو سوداني ، والإستفادة من الفوارق والاختلاف والتباين في قيام نموذج حي للتصاهر والمساواة والعدالة الاجتماعية . فنحن لسنا عرب ولسنا افارقة بل نحن سودانيون لا غيرلافرق بين " أبكر - أدروب - ملوال - أحمد - حمدان " جميعهم سواء في اطار السودان الموحد لنأسس للوحدة الطوعية الحقيقية التي افتقدناها منذ بداية الإستعمار الداخلي في 1956م والواقع الآن يحتم علينا ذلك المنحى . فواقعية الهوية تأتي في إطار المشترك الكبير الوطن ويجب علينا ألا نلتفت للوراء للمبدئية العمياء التي تدعو الي الإقصاء والإستلاب و الإستيلاء والإستغلال ، يكفينا فخراً أننا " سودانيين " ويجب أن نضطلع بالدور الطليعي والرسالي المناط بنا بإعتبار أننا الطبقة المثقفة في المجتمع لنرسم لوحة جمالية مشرفة تحمل في طياتها الجميع بدون فرز . ويتوجب علينا عدم إستغلال الظروف المحيطة بنا لطالما نحن نزخر بتنوع وتباين يندر أن تجده في رصفاء السودان، فإستغلال الظروف يولد الغبن ثم الإنفجار ثم السقوط نحو الهاوية ولسنا بحاجة لذلك ، لذلك أرى ضرورة إرساء مفاهيم المساواة بين الشعب السوداني وإرساء جوانب الإعتراف والإيمان بالأخر كماً ونوعاً لطالما هو سوداني ، ويجب ألا تفرض ثقافة على غيرها وألا نستعلي إجتماعياً أو ثقافيا على الغير وألا نستلب ثقافته ويجب أن نتيح لها مساحة للتطور والنمو والمحافظة على ذاتها ووجودها ويجب التطلع للدور المتعاظم الحري بنا القيام بإنفاذه في ظل هذه التناقضات والتعقيدات الآنية

قراءة في ثنايا مؤتمر الفاشر الذي إنعقد في أيام 19و20و21ديسمبر الماضي

قراءة في ثنايا مؤتمر الفاشر المنعقد في أيام 19و20و21ديسمبر2005م

تلتئم في الأيام القليلة القادمة - بالفاشر - قمة تضُم في طياتها مجموعة من أبناء دارفورالمنتسبين للمؤتمر الوطني تنظيماً وآخرون سلوكاً بالإضافة إلى بعض الأفراد من القوى السياسية الآخرى ، بغية عقد مؤتمر جامع لهم للبحث والبت في كيفية حل أزمة دارفور كما يزعمون ، فكونت لجنة عليا للإعداد والتحضير للمؤتمر المعني برئاسة عثمان محمد يوسف كبر والي شمال دارفور وإنبثقت منها لجان أخرى للخدمات والإعلام والإستقبال ما يهمنا في هذا الإستعراض هو دراسة ما جدوى إلتئام هذا المؤتمر في ظل هذا المخاض العسير والمنعطف الخطير الذي يمر به إقليم دارفور من سفره التاريخي؟ ومحاولة البحث عماسيتمخض من نتائج في هذا المؤتمر ومدى إسهامها سلباً كان أم إيجاباً تجاه قضية دارفور؟ كما سأحاول أن أسهم برأي في هذا المؤتمر الذي وجد من الرواج الإعلامي والدعاية في وسائل الإعلام المحلية المقروءة والمرئية والمسموعة ما يجعله مكان إنتباه ومثار تأني بقراءة دقيقة وفحص عميق عن فحواه ومكان دراسة بحصافة .المتابع لمسرح الأحداث الدارفورية يجد أن هنالك ثمة مؤتمرات قبيل هذا عقدت وتمخضت منها نتائج مهولة وتوصيات ومقررات لم تجد حظها من التنفيذ - أغلب تلك المؤتمرات اعدها ونظمها ( المؤتمر الوطني ) ومنسوبيه والموالين له - تلك المؤتمرات أشبه بهذا المؤتمر من حيث الفكرة والإعداد والتوقيت والهدف منها ، ولعل الاحادية التي ظلت تلازم تلك المؤتمرات لم يطرأ عليها شيء جديد أو مستحدث في هذه المرة سوى محاولة التستتر عليها بترميز تضليلي ((تمامة جرتق )) حتى يتدثر المؤتمر بثوب القومية والجموعية ( الإجماع ) لكيما تغيب الإنتقادات التي تصوب تجاه المؤتمر والنقد البناء الذي ينبذ الآحادية الجانبية الإقصائية التي ظل ينتهجها النظام في كل مؤتمراته .ولعل في هذه المرة يعتبر المؤتمر مكان جدل واسع وسط شرائح المثقفين من أبناء دارفور - منهم من عارض قيامه ، ومنهم من وافق على قيامه ، وآخرون تحفظوا عن الإدلاء بأرائهم ، في ظل هذه التناقضات في المواقف لكل منهم ما يبرر له موقفه ، ولعل الموقف الصائب والأرجح برأي هو عدم قيام هذا المؤتمر لإعتبارات زمانه ومكانه وآحاديته وغياب كثيرين من المعنيين والمهتمين بالقضية عن هذا المؤتمر ، وغياب الهدف الإستراتيجي البيين والواضح من قيامه فالقارئ الجيد لثنايا المؤتمر المزمع عقده يتضح له بجلاء حجم الإسهام السالب تجاه قضية دارفور ككل ومفاوضات أبوجا بصفة خاصة - ويكون هذا الإسهام على الأقل في أنه لايدفع بعجلة التفاوض بل وانه يشجع النظام ( المؤتمر الوطني )على الهروب من دفع إستحقاقات القضية التي بدورها تفضي إلى سلام ومن ثم إلى تحقيق آمال وأشواق شعب دارفور .فالمؤتمر الوطني يريد أن يخلق من هذا المؤتمر بؤرة خلاف جديدة بين ابناء دارفور بغية شرخ القضية - هذه البؤرة الجديدة تتبلور من خلال المؤتمر ويتأتى هذا التبلور من الرواج بأن الثورة ( حركة العدل والمساواة - حركة تحرير السودان ) لا يمثلون شعب دارفور بل يمثلون أنفسهم فقط وأن المؤتمرون هم أهل الحل والعقد في دارفور ويجب أن تتأتى رؤى الحل للأزمة من هؤلاء ، وهذا محض غفتراء لأن أهل دارفور بمختلف مكوناتهم الإجتماعية والثقافية والسياسية حينما شاركوا في ملتقيات طرابلس - ليبيا - أكدوا على أن الثوار يمثلون دارفور وبذلك هم الأجدى بأن ينتزعو حقوق اهل دارفور المسلوبة من المركز ، وهذا الإحماع يدحض إفتراءات النظام وجلاوزته .ثم أن في هذه الأيام القليلة الفائتة إلتأمت جولة مباحثات جديدة بأبوجا بين حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان من جانب مع نظام الخرطوم من الجانب الآخر ، ويريد أتباع النظام الحاكم ( المؤتمر الوطني ) خلق بلبلة وتلغيم أجواء التفاوض بسموم حتى لا تتم التسوية السياسية بعد أن وجد النظام نفسه في موقف تفاوضي ضعيف ومواجه بكمية من الضغوط المحلية والدولية والإقليمية بغية إنهاء الأزمة المستفحلة - ولعل مسعاهم هذا قد خاب بعدما دخلوا الثوار برؤية تفاوضية واحدة وموقف تفاوضي مشترك على أتم التنسيق وهنا يكمن ( مربط الفرس ) .جل مثقفي دارفور - إن لم أقل جميعهم - رافضين لإلتئام هذا المؤتمر في الوقت الراهن ، لأن هذا المؤتمر في هذا التوقيت يتعارض ويتناقض مع ( إعلان المبادئ ) الموقع في أبوجا قبل الماضية والذي يشير إلى قيام مؤتمر للحوارالدارفوري الدارفوري عقب تحقيق السلام من خلال منبر تفاوض أبوجا ، لتشارك فيه جميع الشرائح المكونة لمجتمع دارفور من طلاب وشباب ومرأة وإدارات أهلية وحملة سلاح ... ألخ ، ولعل أي مؤتمر قبل التوصل إلى سلام من خلال أبوجا هو ليس جامع وليس قومي لأن هذه الصفات تنتفي عنده وتغيب منه