الاثنين، فبراير ١٣، ٢٠٠٦

حول أحداث اللاجئين السودانيين بالقاهرة

هل أذنت الحكومة السودانية لرصيفتها المصرية بإرتكاب تلك الجرائم البشعة في حق اللاجئين السودانيين بمصر

إنتابني الحزن وأنا أنظر إلى تلك المأساة وأبحر في تجميع المعلومات والإحصاءات الدقيقة لضحايا الأحداثالمؤسفة التي لم تفرق ما بين النساء والأطفال والعجزة والشباب – وكان مسرح الأحداث كما تابع وقرأ الجميع في هذه المرة القاهرة العاصمة المصرية .الجميع يعرف مدى حجم التخبط العشوائي الذي ظلت تدار به سدة الحكم في السودان – ولعل الكبت ومصادرة الحريات وقمع الشعب والتقوقع والتغلغل في جميع المؤسسات العمالية والمدنية بشمولية قابضة من الأنظمة – نتج وتمخض جراء تلك الأفاعيل بحث المواطنين عن مكان للأمن والمأكل والمشرب والإطمئنان والبحث عن مصدر عيش لهم ولأسرهم التي تؤول عليهم كثيراً في نلبية حاجياتهم الأساسية من مقومات للحياة والعيش ، فضلاً عن لجوء جزء من المواطنين للخارج بحثاً عن مصدر للأمن في النفس والمال والسكن عقب الحال المأزوم والكئيب في ظل مصادرة الحريات العامة والكبت والإعتقالات الإنتقائية التي لم يشهد السودان لها مثيل طوال تاريخه الحديث ببشاعة ووحشية مثل تلك .فخرج المواطنون مهاجرون ولاجئون إلى الخارج إنتشروا في رحاب المعمورة الواسعة وقاراتها المختلفة ودولها المتعددة وإختلطوا مع شعوبها المتنوعة وأثروا الحياة هناك وتأثروا بها – فإختار جزء من اللاجئين السودانيين " مصر " ملجأً ومأوىً ومأمناً لهم ولا غرو ولا عجب ولا إستغراب في تلك الإصطفاية لمصر نسبة لقربها من السودان ومن ثم نسبة إلى كونها من الدول الشقيقة والصديقة للسودان حسبما يزعم بعض العروبيون السودانيون ، فإنطلاقاً من تلك الموروثات التاريخية التي غرست في عقول السودانيين كان إختيار اللاجئين لمصر مستقراً وملجأً – فإكتظت مصر باللاجئين السودانيين من كل حدب وصوب في السودان .وظل اللاجئون السودانيون بمصرمنذ عمد طويل يبحثون عن حقهم المشروع كلاجئين وفق المواثيق والقوانيين الدولية المختصة بشئون اللاجئين الصادرة من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة - فضلاًً عن مطالبتهم بحقوقهم الأساسية كلاجئين لدى مصر من قبل الحكومة المصرية ، غير أن الحكومة المصرية لم تعير لذلك أدنى إهتمام وظلت تتجاهل مطالبهم العادلة وتغض الطرف في النظر إليهم كإنسانيين آدميين لهم حق الحياة والعيش والبحث عن المأمن والمأوى والملاذ.فسير اللاجئون عدة مظاهرات سلمية - مصحوبة بمذكرات - مطالبين فيها بلفت النظر والإستجابة لحقوقهم وتلبية حاجياتهم ، في ذات الأثناء كانت الحكومة السودانية تعرف ذلك عن كثب وقرب ولم تفعل شيئاً ( ولن تفعل ) وكانت على دراية تامة بالأحوال والأوضاع السيئة التي تسود حياة اللاجئين السودانيين وتعلم جيداً الأوضاع المأزومة والموبوئة التي تحيط باللاجئين ولكنها لم تكلف نفسها بالبحث والبت عن حلول لذلك - على الأقل توفيق أوضاع اللاجئين - فظلت أحوال اللاجئين السودانيين بمصر كما هي أو أشد - لم يطرأ عليها جديد ، بل أصبحت أحوالهم تمضي من إتجاه السيء إلى الأسوأ حسب آخر التقديرات لأوضاعهم - ولعل اللاجئين لا يزالوا يناشدون المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من جانب والسلطات المصرية من الجانب الآخر بغية تدارك أزمتهم ووضع حد فاصل لمعاناتهم وتوفيق أوضاعهم كلاجئين ، غير أن الحكومة المصرية في هذه المرة سمعت دوي نداء اللاجئين وصداهم القادم من معاناتهم وأرادت أن تفعل شيئاً لعله يضاف إلى سجلها ( ليتها لم تفعل ) ولكن فعلتها هذه ليست تحقيقاً لتطلعات وأشواق اللاجئين في نيل حقوقهم المشروعة وفق قوانيين ومواثيق الأمم المتحدة ومفوضيتها لللاجئين ، بل العكس تماماً - فأدارت الحكومة المصرية معركة ليست في مكانها - من جانب واحد فقط مع اللاجئين الذين لا يملكون شيئاً سوى قضيتهم العادلة ومطالبهم الشروعة - فكانت المعركة الطاحنة والتي خسرت فيها الإنسانية قبل اللاجئين - والتي حشدت لها الحكومة المصرية قوات أمنها وشرطتها بغية إنهاء حالة الإعتصام المعلنة من اللاجئين ، وأسفرت معركتها تلك عن إزهاق العديد من المهج والأرواح وإستشهاد ما يربو على الخمسين ونيف ( حسب التصريحات غير الرسمية ) من بينهم أطفال ونساء وحوامل وعجزة - وحتى اللحظة لم يصدر من الحكومة السودانية ما تدين به أو تستنكر به أو تشجب تصرف الحكومة المصرية مع قضايا اللاجئين السودانيين العادلة في صبيحة الثلاثين من ديسمبر المنصرم ولا حتى صدر من الحكومة حتى التو على الأقل ما تترحم به على أرواح الضحايا أو الدعاء للجرحى والمصابين بعاجل الشفاء ، بل على عكس ذلك تماماً ظلت الأقلام المأجورة لصالح الحكومة في وسائل الإعلام المحلية تكتب ولا تبدي تعجباً أو إستنكاراً لما حدث ودونكم الطاهر ساتي بجريدة الصحافة .فتبادرت إلى ذهني ومخيلتي أسئلة كثيرة - ذات قيمة - تبحث عن إجابة شافية ليست فيها أدنى ثمة مواربة أو لبس ، تبدأ ب : هل أذنت الحكومة السودانية لرصيفتها المصرية بإرتكاب تلك الجرائم البشعة في حق اللاجئين السودانيين ؟؟؟!!- وتكمن إجابة هذه التساؤل ببساطة في التعمق والتفحص عن ، لماذا تغافلت وتجاهلت بل تغاضت الحكومة السودانية عن تلبية النداءات المتكررة لللاجئين ؟ ولماذا لم تدين تلك الأحداث التي كلمن شاهدها وفي نفسة ذرة من الإنسانية إحمرت عيونه وتقاطرت دماعه ؟ فيظهر بجلاء للقاصي قبل الداني تواطؤ النظام السوداني مع النظام المصري في إرتكاب هذه الجرائم التي لا يقرها قانون ولا عرف ولا ترتضيها نفس آدمية فيها ثمة إنسانية ولعل زيارة على عثمان محمد طه الآخيرة لمصر قبيل الأحداث لها دلالاتها ومؤشراتها التي ترتبط إرتباط وثيق مع هذه الأحداث المؤسفة والتي إعتدناها من النظام السوداني الذي لا يمت للأخلاق ولا الإنسانية بصلة من قريب ولا من بعيد .ولعلي لم أتعجب في أن يشترك النظام السوداني مع النظام المصري جنائياً في إرتكاب هذه الفظائع والمجاذر والمذابح الجماعية والتي أستخدمت فيها الأعيرة النارية وقاذفات ومرشات المياه البرودية والحرارية ، لأن بتمعن النظر في سجل وملف النظام السوداني ( القمعي ) تجده مليء بإنتهاكات حقوق الإنسان وتعديه وتجاوزه لمواثيق وقوانيين حقوق الإنسان العالمية التي تكفل للإنسان حق الحياة والعيش والكسب والكرامة .وليست جرائم النظام في دارفور من قتل وتشريد وإبادة منا ببعيدة ، فالنظام الذي يروع مواطني دولته ويقذف قراهم بالطائرات ليس غريباً أن يلتقي مع نظام آخر مثله وشتركا معاً جنائياً في تنفيذ أحكام إعدام لمواطنيه دونما أن يرتكبوا جرماً أو أن يفعلوا شيئاً يستحقون على إثره العقاب بل ويصتادهم في خارج مصيدته حتى لا يظن به أن المجرم غير أن الشواهد والدلايل لوحدها تثبت ذلك وتدحض نفيه من صلته بالأحداث .* خلاصة المقال ثمة أشياء يجب القيام بها مع التأكيد عليها :** مناشدة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان العالمية والدولية والإقليمية والمحلية بالإسراع في التدخل للحفاظ ولحماية اللاجئين الباقين من ذئاب قوات الأمن المصرية وتكوين لجنة دولية عاجلة مستقلة للتحقيق في الأحداث المؤسفة وتسمية الجناة وتقديمهم إلى محاكمات عادلة وناجزة تحت رعاية الأمم المتحدة حتى لا يفلت مجرم من العقاب .** مناشدة المفوضية السامية لشئون اللاجئين بتوفيق أوضاع اللاجئين السودانيين بالقاهرة وتلبية حاجياتهم التي تقرها المواثيق والقوانيين الدولية .** مناشدة الحكومة المصرية بإقالة وزير داخليتها وإجراء تحقيق فوري وسحب الحصانة من الجناة لتقديمهم إلى العدالة بعد فراغ لجنة التحقيق التي تكونها الأمم المتحدة في هذا الإطار .** مناشدة الشعب السوداني والشعب المصري بتسيير مظاهرات شجب وإدانة وإستنكار ومناهضة لما حدث من أحداث مأساوية من الحكومة المصرية بالوكالة عن الحكومة السودانية .** مناشدة الإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية بالضغط على الحكومة المصرية للإستجابة للمطالب المشروعة لللاجئين والتي تتمثل في حق الإقامة والحركة والتنقل والحياة والكسب والعيش .** مناشدة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار يدين فيه الأحداث ويضغط على الحكومة السودانية للإستجابة لرعايا الدولة والكف عن القهر والإستبداد الذي شرد وسيشرد المواطنين السودانيين للخارج وتوفيق أوضاع اللاجئين في مصر على عجالة .* الترحم على أرواح الشهداء ونسأل الله لهم المغفرة و القبول الحسن وإنزالهم منزل صدق مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً .* حسن العزاء والصبر والسلوان لنا ولعامة الشعب السوداني وجميع محبي الإنسانية وأهل الشهداء وذويهم وأصدقائهم في هذا المصاب الأليم وهذا الفقد الجلل .* خالص الدعوات وأصدق التمنيات للجرحى والمصابين بأن تتنزل عليهم ملائكة السماء والرحمة بعاجل الشفاء وتمامه .* الوقوف مع وخلف بقية اللاجئين حتى ينتزعوا حقوقهم العادلة والمشروعة التي تقرها لهم قوانيين ومواثيق الأمم المتحدة وحتى يتحقق حلمهم وأملهم في نيل وإنتزاع حقوقهم وفق أعراف وتعريفات مفوضية حقوق اللاجئين .الخزي والعار للحكومة السودانية ورصيفتها المصريةالمجد والخلود للشهداء والتحية والصمود لبقة اللاجئينالفخر والإعزاز للذين يقبضون على جمر قضايا الشعب وجذوتهاوالنضال والصمود للثائرون في وطني من أجل نصرة الشعب والمستضعفين

ليست هناك تعليقات: