الخميس، مارس ٣٠، ٢٠٠٦

لا تنهى عن خلق تأتي مثله ** عار عليك إذا فعلت عظيم

لا تنهَ عن خلقٍ تأتي مثله ** عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
الثورة بين فثور التجربة و نثور الذات وبثور الأنانية

الجزء الأول

لا شك أن الشعب السوداني عقب إندلاع الثورة في دارفور إستبشر وإستشرق تحقيق آماله وأشواقه وتطلعاته التي طالما عجزت القوى السياسية والأحزاب التقليدية القديمة عن إنجازها ، أو على أقل تقدير عن تحقيق ـ ولو ـ جزءً منها .
بهذه التطلعات ظل الشعب السوداني يلتف خلف الثورة ويؤول على القوى الثورية وظل يقدم الدعم للثورة ـ وليس بالضرورة مادياً ـ غير أن الثورة بدأت تكشر عن أنيابها بعد إنقضاء أعوامها الأوائل وبدت كأنما تتغير رويداً رويداً وتتنازل من برنامجها القومي مروراً بالفثور ودلالاته الواضحة والذي أصبح فيما بعد السمة الملازمة للثورة وصولاً إلى كثرة المشاكل والإشكاليات والخلافات التي تطرأ داخل أروقة مؤسسات الثورة .
ولعل هذه جميعها ـ المشاكل ـ ليست ببعيدة عن أعين الشعب السوداني أو عن آذانه الصاغية التي تقرأ هذه الإشكاليات من منطلق أنها نتاج طبيعي لعدم إكتمال النضوج الثوري وغياب التجرد والغواء المفاهيمي المستشري ، فضلاً عن بروز بعض المآرب القبلية والأطماع الذاتية والتطلعات الفردية والطموحات الشخصية ، وهذه جميعها ـ بالطبع ـ ستلقي بظلال سالبة حيال مسيرة الثورة النضالية ، وتنتقص من رصيدها السياسي والإعلامي لأن الشعارات البراقة والبيانات الحماسية والمنفوستات الجذابة التي كان لها الفضل في إستمالة كثير من جماهير الشعب السوداني للإصكفاف والإلتفاف خلف الثورة أصبحت في خبر كان ، وتتضح عظمة هذا النثور بجلاء بالنظر إلى المعطيات الآنية التي تخالف الشعارات ، وهنا تكمن خطورة الموقف حيث أناه ـ أي الثورة ـ لربما ستفقد كثيرين من المتعاطفين معها إذا لم يوضع حداً فاصلاً لهذه الإخفاقات التي تمثل بؤر تشاؤم وهوة إحباط أيما إحباط .
فإنطلاقة الثورة في دارفور ـ كان من ضمن أهدافها محاربة حكم الفرد والشمولية والديكتاتورية ومن أجل إرساء دعائم الجماعية والديمقراطية والمؤسسية ، ولئن نظرنا إلى الثورة ـ بمختلف توجهاتها ومسمياتها ـ نجد انها ـ أي الثورة ـ تسير بذات الخطوة التي ترفضها الشعارات تسير وفق أهواء وأمزجة أفراد وفي أحايين تسير برؤى فردية أو شللية صداقة أو قبيلة أو صحبة دراسة ، وبالتالي يكون هنالك تهميش بالطبع لكثير من أفراد الثورة الآخرين على الرغم من إسهامهم مع غيرهم في إنطلاقة الثورة ، وهذا ما يتناقض مع شعارات الثورة ولعل الشاعر حينما قال :

لا تنهى عن خلق وتأتي مثله ** عار عليك إذا فعلت عظيم

أصاب كبد الحقيقة ، بل أصابها جميعاً وكان صادقاً أيما صدق في تعبيره ذلك ، كما لعل الحكمة التي تقول فاقد الشيء لا يعطيه تعبر في ذات الإطار وبذات النمط الذي نحن بصدد تعريته حتى يقوم ويسير في الإتجاه الصحيح .
وثمة شعارات أخرى ـ براقة ـ ولا أقول جذابة وخداعة ، إذا نظرنا إليها نجدها أيضاً ـ بدلالة ليست فيها أدنى ثمة مواربة ـ تشير إلى وجود بثور وفثور ونثور وتناقض ما بين الشعارات من جانب والممارسات من جانب آخر ، ولست هنا للتعداد بل على سبيل الإستعراض سأتناول شعارات ( الوطنية والقومية ) ولعل هذه الشعارات كما هو معلوم كانت في السابق عبارة عن ريتوريكا مستترة وراء الترميزات التضليلية التي تستخدمها القوى السياسية التقليدية لإستقطاب وإستنفار الشعب السوداني دونما وجه حق .
فالوطنية هي محاربة القبلية ، والقومية هي محاربة الجهوية ، وبتمعن النظر بعين فاحصة وبصيرة ثاقبة تجاه الثورة الآن ، نجد أن كثيراً من أبناء الأقاليم الأخرى ( بخلاف إقليم دارفور ) المكونة للثورة بدأ ينتابهم شعور وإحساس بالإحباط واليأس على الرغم من أنهم أرسوا دعائم ( الثورة ) مع غيرهم

وللحديث بقية ، وفينا شيء من حتى

ليست هناك تعليقات: